الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يصح إقرار مكره ) بما أكره عليه بغير حق لقوله تعالى { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } جعل الإكراه مسقطا لحكم الكفر فبالأولى ما سواه كأن ضرب ليقر أما مكره على الصدق كأن ضرب ليصدق في قضية اتهم فيها فيصح حال الضرب وبعده ويلزمه ما أقر به لأنه غير مكره ، إذ المكره من أكره على شيء واحد وهذا إنما ضرب ليصدق ، ولم ينحصر الصدق في الإقرار لكن يكره إلزامه حتى يرجع ويقر ثانيا ، واستشكل المصنف قبول إقراره حال الضرب بأنه قريب من المكره وإن لم يكن مكرها .

                                                                                                                            وعلله بما مر ثم قال : وقبول إقراره بعد الضرب فيه نظر إن غلب على ظنه إعادة الضرب إن لم يقر وقال الأذرعي : الصواب فيما لو ضرب ليقر بالحق ويراد بذلك الإقرار بما ادعاه خصمه أنه إكراه سواء أقر في حال ضربه أم بعده وعلم أنه لو لم يقر بذلك لضرب ثانيا ، وما ذكره ظاهر جلي ، ولو ادعى أنه باع كذا مكرها لم تسمع دعوى الإكراه والشهادة به إلا مفصلة ، وإذا فصلا وكان أقر في كتاب التبايع بالطواعية لم تسمع دعواه حتى تقوم بينة بأنه أكره على الإقرار بالطواعية ، قاله ابن عبد السلام في فتاويه .

                                                                                                                            وإذا فصل دعوى الإكراه صدق فيها إن ثبتت قرينة تدل عليه كحبس بدار ظالم لا على دين وكتقييد وتوكل به . قال القفال : ويسن أن لا تشهد حيث دلت قرينة على الإكراه ، فإن شهدت كتب صورة الحال لينتفع المكره بذكر القرينة ، وأخذ السبكي من كلام الجرجاني حرمة الشهادة على مقيد أو محبوس ، وبه جزم العلائي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بغير حق ) أي أما بحق كأن أقر بشيء مجهول ولم يبينه وطولب ببيانه فامتنع فأكره على بيانه فيصح ( قوله : كأن ضرب ليصدق ) وظاهر جدا أن الضرب حرام في الشقين خلافا لمن توهم حله إذا ضرب ليصدق وظاهره وإن كان الضرب خفيفا وهو ظاهر ( قوله : وعلله ) أي وعلل كونه قريبا من المكره لا مكرها ، وقوله بما مر : أي في قوله إذ المكره من أكره على شيء واحد ( قوله : أم بعده ) أي وسواء كان الضارب له حاكم الشرع أم السياسة أم غيرهما كمشايخ العرب ( قوله : وما ذكره ) أي الأذرعي وهو المعتمد ، وقوله وأخذ السبكي إلخ معتمد أيضا ( قوله أو محبوس ) على الإقرار من مقيد أو محبوس حال إقراره ( قوله : وبه جزم العلائي ) فقال : إن ظهرت قرائن [ ص: 72 ] الإكراه ثم أقر لم تجز الشهادة عليه ، والأوجه أنه عند ظهور تلك القرائن تقبل دعواه سواء كان الإقرار للظالم المكره أو لغيره الحامل للظالم على الإكراه ، وتقدم بينة الإكراه على بينة اختيار لم يقل كان مكرها وزال إكراهه ثم أقر ا هـ حج .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 71 ] قوله : وعلله بما مر ) أي علل كونه غير مكره بما تقدم في قوله المكره من أكره إلخ كما يعلم بمراجعة كلامه




                                                                                                                            الخدمات العلمية