الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الرابع عشر: أن هذا بعينه يرد عليك في جميع ما أثبته من الصفات كالحياة والعلم والقدرة والإرادة وغير ذلك، وهذا قد أورده عليك نفاة الصفات فقال في حجتهم: "إن ذات الله لو كانت موصوفة بصفات قائمة لها لكانت حقيقة الإلهية [ ص: 416 ] مركبة من تلك الذوات ومن تلك الصفات، ولو كانت كذلك لكانت ممكنة، لأن كل حقيقة مركبة فهي محتاجة إلى أجزائها، وكل واحد من أجزائها غيرها، فإذن كل حقيقة مركبة [في ذاتها] فهي محتاجة إلى غيرها، وذلك في حق الله تعالى محال، فإذن يستحيل اتصاف ذاته بالصفات، وقال في الجواب: "قوله يلزم من إثبات الصفات وقوع الكثرة في الحقيقة الإلهية فتكون تلك الحقيقة ممكنة" قلنا: إن عنيتم به توقف [الصفات في ثبوتها على تلك الذات المخصوصة]: احتياج تلك الحقيقة إلى سبب خارجي فلا يلزم لاحتمال استناد تلك الصفات إلى الذات الواجبة لذاتها، وإن عنيتم به توقف الصفات في ثبوتها على تلك الذات المخصوصة، فذلك مما نلتزمه".

وهذا الجواب يقال نظيره: إن عنيتم بكونه مؤلفا مفتقرا إلى غيره افتقاره إلى سبب خارجي فلا يلزم لاحتمال أن تكون تلك الذات بما هي عليه من الصفة والقدر واجبة لذاتها، وإن عنيت [ ص: 417 ] أن تلك الذات لا يمكن وجودها أو لا يعقل وجودها إلا على هذا الوجه فهذا مما نلتزمه.

التالي السابق


الخدمات العلمية