الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال الخلال: أخبرنا الحسن بن أحمد الكرماني، حدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو أسامة، عن [ ص: 275 ] سفيان، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إني رأيت أحد عشر كوكبا [يوسف: 4] قال: «كانت الرؤيا فيهم وحيا».

حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان، عن سماك، عن سعيد، عن ابن عباس في قوله: إني رأيت أحد عشر كوكبا قال: «كانت رؤيا وحيا».

أخبرنا علي بن حرب، حدثنا سفيان بن [ ص: 276 ] عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال: «هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به».

وذكر الخلال لهذا مع هذه الأحاديث قد يقال: إنما ذكره لقول أحمد: «رؤيا الأنبياء في الأحلام رأي عين، وليس حلمهم كسائر الأحلام» وإن قوله: رأي عين لا ينفي أن يكون في المنام؛ لأن في الصحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تنام عيناه ولا ينام قلبه؛ ولهذا كان لا يتوضأ إذا نام».

[ ص: 277 ] وكذلك فعل أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة له فإنه قال: «باب: ما ذكر في رؤية نبينا ربه تبارك وتعالى في منامه» ثم ذكر حديث عكرمة عن ابن عباس في قوله: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال: هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يقتضي أنها عنده رؤية عين، وأنها في المنام، ثم روى حديث سفيان، عن سماك عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «كانت رؤيا الأنبياء وحيا».

وروى عن مصعب بن سعد، عن [ ص: 278 ] معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما رأى في نومه وفي يقظته فهو حق».

قال الخلال: حدثنا المروذي قال: قرئ على أبي عبد الله: عبد الله بن الوليد، حدثنا سفيان في قوله: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى [الإسراء: 1] قال: «أسري به من شعب أبي طالب».

ثم روى الخلال من [ ص: 279 ] غير وجه، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس قال: «لما أتي النبي صلى الله عليه وسلم بالبراق استصعب عليه، فقال له جبريل: ما ركبك آدمي أكرم على الله تعالى منه، فارفض عرقا وأقر».

ثم روى الخلال حديث أبي عمرو، وعن أبي سعيد قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة فقلنا: حدثنا بليلة أسري بك فقال: «أتيت بدابة هي أشبه الدواب بالبغل غير [ ص: 280 ] أنها مضطربة الأذنين، يقال لها: البراق، وهو الذي يحمل عليه الأنبياء، وهو يضع حافره حيث يبلغ طرفه، وحملت عليه من مسجد الحرام متوجها إلى المسجد الأقصى» قال الخلال: وذكر الحديث، فهذا جملة ما ذكره الخلال، ومقصوده به تثبيت الإسراء، وأنه حق، وأنه من صغر أمره بقوله: هو منام، وجعله بذلك من جنس منامات الناس فهو جهمي ضال.

ثم قال الخلال بعد ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي» فذكر أحاديث الرؤية، ولم يذكر فيها حديث ابن عباس المتقدم في قوله: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس فدل الخلال بذلك على أن حديث ابن عباس هذا لم يقصد به نفس رؤية محمد ربه، وإنما هو ما رآه ليلة المعراج مطلقا، فالمطلق يحتمل رؤية محمد ربه، لكن فرق بين ما يحتمله اللفظ وبين ما يدل عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية