الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4534 - وذكر في ذلك ما قد حدثنا ابن مرزوق قال : ثنا أبو عامر العقدي قال : ثنا سليمان بن بلال ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى : ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فقال : الفاحشة المبينة أن تفحش على أهل الرجل وتؤذيهم ، فقال : ففاطمة حرمت السكنى لبذائها ، والنفقة لأنها غير حامل .

                                                        قال : وهذا حجة لنا في قولنا : إن المبتوتة لا يجب لها النفقة إلا أن تكون حاملا .

                                                        قيل له : لو خرج معنى حديث فاطمة من حيث ذكرت لوقع الوهم على عمر وعائشة وأسامة ومن أنكر ذلك رضي الله عنهم على فاطمة معهم ، وقد كان ينبغي أن يترك أمرهم على الصواب حتى يعلم يقينا ما سوى ذلك ، فكيف ولو صح حديث فاطمة لكان قد يجوز أن يكون معناه على غير ما حملته أنت عليه .

                                                        وذلك أنه قد يجوز أن يكون معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها السكنى لبذاها كما ذكرت ، ورأى أن ذلك هو الفاحشة التي قال الله عز وجل ، وحرمها النفقة لنشوزها ببذائها الذي خرجت به من بيت زوجها ؛ لأن المطلقة لو خرجت من بيت زوجها في عدتها لم يجب لها عليه نفقة حتى ترجع إلى منزله .

                                                        فكذلك فاطمة منعت من النفقة لنشوزها الذي به خرجت من منزل زوجها .

                                                        فهذا معنى قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراده إن كان حديث فاطمة صحيحا ، وقد يجوز أن يكون أراد ما وصفت أنت .

                                                        وقد يجوز أن يكون أراد معنى غير هذين مما لا يبلغه علمنا .

                                                        ولا يحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد في ذلك معنى بعينه دون معنى كما حكمت أنت عليه ؛ لأن القول عليه بالظن حرام ، كما أن القول بالظن على الله حرام .

                                                        وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في الفاحشة المبينة غير ما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية