الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4988 - حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال : ثنا محمد بن إدريس الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، أن عبدا سرق وديا من حائط رجل ، فجاء به فغرسه في مكان آخر .

                                                        فأتي به مروان ، فأراد أن يقطعه ، فشهد رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا قطع في ثمر ولا كثر
                                                        .

                                                        قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أنه لا يقطع في شيء من الثمر ولا من الكثر ، وسواء عندهم أخذ من حائط صاحبه أو منزله بعد ما قطعه وأحرزه فيه .

                                                        [ ص: 173 ] وقالوا : لا قطع أيضا في جريد النخل ولا في خشبه ؛ لأن رافعا لم يسأل عن قيمة ما كان في الودية المسروقة من الجريد ، ولا عن قيمة جذعها ، ودرأ القطع عن السارق في ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا قطع في كثر ، وهو الجمار .

                                                        فثبت بذلك أنه لا قطع في الجمار ، ولا فيما يكون عنده من الجريد والخشب والثمر .

                                                        وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمة الله عليه .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : هذا الذي حكاه رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول : لا قطع في ثمر ولا كثر ، وهو على الثمر والكثر المأخوذين من الحائط التي ليست بحرز لما فيها .

                                                        فأما ما كان من ذلك مما قد أحرز ، فحكمه حكم سائر الأموال ، ويجب القطع على من سرق من ذلك المقدار الذي يجب القطع فيه .

                                                        واحتجوا في ذلك بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب ، في غير هذا الباب ، لما سئل عن الثمر المعلق ، فقال : لا قطع فيه ، إلا ما أواه الجرين ، وبلغ ثمن المجن ، ففيه القطع ، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله ، وجلدات نكال .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية