الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5004 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا سماك بن حرب ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك ، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من حي من أحياء العرب ، فأسلموا وبايعوه ، قال : فوقع النوم - وهو البرسام - فقالوا : يا رسول الله ، هذا الوجع قد وقع ، فلو أذنت لنا ، فخرجنا إلى الإبل فكنا فيها ؟ قال : نعم ، اخرجوا فكونوا فيها .

                                                        قال : فخرجوا ، فقتلوا أحد الراعيين ، وذهبوا بالإبل ، قال : وجاء الآخر وقد خرج ، فقال : قد قتلوا صاحبي وذهبوا بالإبل .

                                                        قال : وعنده شبان من الأنصار قريب من عشرين .

                                                        قال : فأرسل إليهم الشبان النبي صلى الله عليه وسلم وبعث معهم قائفا ، فقص آثارهم ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمر أعينهم
                                                        .

                                                        [ ص: 181 ] ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين ما فعل بهم من هذا ، فلما حل له من سفك دمائهم ، فكان له أن يقتلهم ، كيف أحب وإن كان ذلك تمثيلا بهم ؛ لأن المثلة كانت حينئذ مباحة ، ثم نسخت بعد ذلك ، ونهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن لأحد أن يفعلها .

                                                        فيحتمل أن يكون فعل باليهودي ما فعل من أجل ذلك ، ثم نسخ ذلك بعد نسخ المثلة .

                                                        ويحتمل أيضا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ما وجب على اليهودي من ذلك لله تعالى ، ولكنه رآه واجبا لأولياء الجارية فقتله لهم .

                                                        فاحتمل أن يكون قتله كما فعل ؛ لأن ذلك هو الذي كان وجب عليه .

                                                        واحتمل أن يكون الذي كان وجب عليه هو سفك الدم بأي شيء مما شاء الولي بسفكه به ، فاختاروا الرضخ ، ففعل ذلك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        هذه وجوه يحتملها هذا الحديث ، ولا دلالة معنا يدلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بعضها دون بعض .

                                                        وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قتل ذلك اليهودي بخلاف ما كان قتل به الجارية .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية