الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4303 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أشعث ، عن الحسن في رجل أعتق أمته ، وجعل عتقها صداقها ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : عليها أن تسعى في نصف قيمتها .

                                                        وكان من الحجة في هذا على أبي يوسف رحمة الله عليه ، أن ما ذكره من وجوب السعاية عليها ، إذا أبت في قيمتها ، قد قال هو أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهما فما لزمهما من ذلك في قولها إذا أجابت إلى التزويج ، فهو لازم لهما .

                                                        وأما زفر فكان يقول : لا سعاية عليهما إذا أبت ؛ لأنه وإن كان شرط عليها النكاح في أصل العتاق ، فإنما شرط ذلك عليها ببدل شرطه لها على نفسه ، وهو الصداق الذي يجب لها في قوله إذا أجابت ، فكان العتاق واقعا عليها لا ببدل ، والنكاح المشروط عليها له بدل ، غير العتاق .

                                                        فصار ذلك كرجل أعتق عبده على أن يخدمه سنة بألف درهم ، فقبل ذلك العبد ، ثم أبى أن يخدمه ، فلا شيء له عليه ؛ لأنه لو خدمه ، لكان يستحق عليه باستخدامه إياه أجرا ، بدلا من الخدمة .

                                                        فكذلك إذا كان من قول زفر في الأمة المعتقة على التزويج ، أنها إذا أجابت إلى التزويج ، وجب لها مهر بدلا من بضعها ، فإذا أبت لم يجب عليها بدل من رقبتها ؛ لأن رقبتها عتقت لا ببدل ، واشترط عليها نكاح ببدل .

                                                        ولا يثبت البدل من النكاح ، إلا بثبوت النكاح ، كما لا يثبت البدل على الخدمة إلا بثبوت الخدمة .

                                                        [ ص: 23 ] فليس بطلانهما ، ولا بطلان واحد منهما ، بموجب في العتاق الذي وقع على غير شيء بدلا .

                                                        فهذا هو النظر في هذا الباب كما قال زفر ، لا كما قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        وقد كان أيوب السختياني ، يذهب في تزويج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صفية على عتقها ، إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وزفر ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين أيضا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية