الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5313 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا علي بن عياش ، قال : ثنا شعيب بن أبي جمرة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حمى إلا لله ولرسوله .

                                                        فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا حمى إلا لله ولرسوله " والحمى : ما حمي من الأرض ، دل ذلك أن حكم الأرضين إلى الأيمة ، لا إلى غيرهم ، وأن حكم ذلك غير حكم الصيد .

                                                        وقد بينا ما يحتمله الأثر الأول ، فكان الأولى من الأشياء بنا ، أن نحمل وجهه على ما لا يخالف هذا الأثر الثاني .

                                                        وأما ما يدخل لأبي حنيفة في ذلك من جهة النظر ، مما يفرق به بين الأرض الموات ، وبين ماء الأنهار والصيد ، أنا رأينا الصيد وماء الأنهار لا يجوز للإمام تمليك ذلك أحدا .

                                                        ورأيناه لو ملك رجلا أرضا ميتة ، ثم ملكها لرجل آخر ، جاز ، وكذلك لو احتاج الإمام إلى بيعها في نائبة للمسلمين ، جاز بيعه لها ، ولا يجوز ذلك في ماء نهر ، ولا صيد بر ولا بحر .

                                                        [ ص: 270 ] فلما كان ذلك إلى الإمام في الأرضين ، دل ذلك أن حكمها إليه ، وأنها في يده كسائر الأموال التي في يده للمسلمين ، لا رب لها بعينه ، ولا يملكها أحد بأخذه إياها ، حتى يكون الإمام يملكها إياه ، على حسن النظر منه للمسلمين .

                                                        ولما كان الصيد والماء ، ليس إلى الإمام بيعهما ، ولا تمليكهما أحدا ، كان الإمام فيهما كسائر الناس ، وكان ملكهما يجب بأخذهما دون الإمام .

                                                        فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة لما وصفنا من الآثار والدلائل التي ذكرنا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية