الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4971 - حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقطع اليد في ربع دينار فصاعدا .

                                                        قيل لهم : قد روينا هذا الحديث عن الزهري في هذا الباب ، من حديث ابن عيينة على غير هذا اللفظ ، مما معناه خلاف هذا المعنى .

                                                        وهو : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تقطع في ربع الدينار فصاعدا .

                                                        فلما اضطرب حديث الزهري على ما ذكرنا ، واختلف عن غيره ، عن عمرة على ما وصفنا ، ارتفع ذلك كله ، فلم تجب الحجة بشيء منه إذا كان بعضه ينفي بعضا .

                                                        ورجعنا إلى أن الله عز وجل ، قال في كتابه : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله .

                                                        فأجمعوا أن الله عز وجل لم يعن بذلك كل سارق ، وأنه إنما عنى به خاصا من السراق لمقدار من المال معلوم ، فلا يدخل فيما قد أجمعوا عليه أن الله تعالى عنى به خاصا ، إلا ما قد أجمعوا أن الله تعالى عناه .

                                                        وقد أجمعوا أن الله تعالى قد عنى سارق العشرة الدراهم ، واختلفوا في سارق ما هو دونها .

                                                        فقال قوم : هو ممن عنى الله تعالى . وقال قوم : ليس هو منهم .

                                                        فلم يجز لنا - لما اختلفوا في ذلك - أن نشهد على الله تعالى أنه عنى ما لم يجمعوا أنه عناه .

                                                        وجاز لنا أن نشهد فيما أجمعوا أن الله عناه ، على الله عز وجل ، أنه عناه .

                                                        فجعلنا سارق العشرة الدراهم فما فوقها داخلا في الآية فقطعناه بها ، وجعلنا سارق ما دون العشرة خارجا من الآية ، فلم نقطعه .

                                                        وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين ، وقد روي ذلك عن ابن مسعود ، وعطاء ، وعمرو بن شعيب .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية