الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21664 9456 - (22168) - (5 \ 252) عن أبي أمامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه أو رفعت مائدته قال: " الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفر، ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا".

التالي السابق


* قوله: "مائدته": المائدة: تطلق على خوان عليه الطعام، وقد تطلق على ما عليه الطعام، وإن لم يكن خوانا، فلعله المراد هاهنا، فلا ينافي ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط.

* "كثيرا": - صفة مفعول مطلق -، وأريد بالكثرة: عدم النهاية؛ إذ لا نهاية لحمده تعالى كما لا نهاية لنعمه تعالى، و "الطيب": الخالص عن الرياء والسمعة والأوصاف غير اللائقة بجنابه تعالى، و "المبارك فيه": الدائم الذي لا ينقطع؛ فإن البركة بمعنى: الثبات.

* "غير مكفي": ذكروا فيه وجوها، لكن الأنسب بالسياق أنه منصوب صفة [ ص: 134 ] حمدا كالأخوات السابقة، ثم "مكفي " - بفتح ميم وتشديد ياء - يحتمل أن يكون من الكفاية، أو من كفأت - مهموزا - بمعنى: قلبت، والمعنى على الأول أن هذا الحمد غير مأتي به كما هو حقه؛ لقصور القدرة البشرية عن ذاك، ومع هذا فغير مودع، أي: متروك، بل الاشتغال به دائم من غير انقطاع؛ كما أن نعمه تعالى لا تنقطع عنا طرفة عين.

* "ولا مستغنى عنه": بل هو مما يحتاج إليه الإنسان في كل حال، ليثبت ويدوم به العتيد من النعم، ويستجلب به المزيد، وعلى الثاني: أنه غير مردود على وجه قابله، بل مقبول في حضرة القدس، وعلى الوجهين "مودع " - بفتح الدال - و "مستغنى عنه " - بفتح النون - عطف على "مكفي " بزيادة "لا" للتأكيد.

* "ربنا": - بالنصب بتقدير حرف النداء، أو بالجر - بدل من الله، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية