الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا وكل رجلا بالخصومة ، ثم عزله بغير علم منه لم ينعزل عندنا ، وقال الشافعي - رحمه الله - ينعزل لأن نفوذ الوكالة لحق الموكل فهو بالعزل يسقط حق نفسه وينفرد المرء بإسقاط حق نفسه ، ألا ترى أنه يطلق زوجته ويعتق عبده بغير علم منهما ويكون ذلك صحيحا .

والثاني - الوكالة للموكل لا عليه ، ولهذا لا يكون ملزما إياه ، فلو لم ينفرد بالعزل قبل علم الوكيل به ، كان ذلك عليه من وجه ، وذلك لا يجوز ، ولكنا نقول : [ ص: 16 ] العزل خطاب ملزم للوكيل بأن يمتنع من التصرف ، وحكم الخطاب لا يثبت في حق المخاطب ما لم يعلم به كخطاب الشرع ، فإن أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد الأمر بالتوجه إلى الكعبة ، وجوز لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لم يعلموا به ، وكذلك كثير من الصحابة شربوا الخمر بعد نزول تحريمها قبل علمهم بذلك ، وفيه نزل قوله تعالى { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } ولأن هذا الخطاب مقصود للعمل ولا يتمكن من العمل ما لم يعلم ، ولو أثبتنا العزل في حق الوكيل قبل علمه أدى إلى الإضرار به والغرر ، ولم يثبت للوكيل عليه ولاية الإضرار به وهذا بخلاف ما إذا أعتق العبد الذي وكله ببيعه ; لأن العزل هناك حكمي لضرورة فوات المحل ، فلا يتوقف على العلم ، وهنا إنما يثبت العزل قصدا فلا يثبت حكمه في حق الوكيل ما لم يعلم به دفعا للضرر عنه ، حتى إذا نفذ القاضي القضاء على الوكيل قبل علمه بالعزل كان نافذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية