الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كفل رجل بنفس رجل فمات الطالب فلوصيه أن يأخذه بها لأن الوصي قائم مقام الموصي في حقوقه وكما يطالب الوصي المطلوب بالحق الذي كان عليه للموصي فكذلك يطالب الكفيل ، وإن لم يكن له وصي ; أخذه الورثة ; لأنهم خلفاؤه ، يقومون مقامه في حقوقه وأي الورثة أخذه به فله ذلك ولكن يبرأ الكفيل بدفعه إليه من جهته لا من جهة سائر الورثة حتى أن لهم أن يطالبوه بالتسليم لأن كل واحد منهم يقوم مقام الميت فيما هو من حقه ولا يقوم مقام شركائه في حقوقهم .

( ألا ترى ) أنه لا يقبض من المطلوب إلا مقدار [ ص: 176 ] حصته من المال ، ولو دفع إليه جميع المال لم يبرأ من نصيب سائر الورثة ولو كان على الميت دين يحيط بماله ولم يوص إلى أحد فدفعه الوكيل إلى غرمائه أو إلى الورثة ; لا يبرأ لأن المقصود لا يحصل بالدفع إليهم فإن الغرماء لا يتمكنون من الخصومة معه والورثة كالأجانب إذا كانت التركة مستغرقة بالدين . ولو كان في ماله فضل على الدين وقد أوصى الميت بالثلث فدفع الكفيل المكفول به إلى الغرماء أو إلى الموصي له ; يبرأ إلا أن يدفعه إلى الوصي ; لأنه هو القائم مقام الميت للمطالبة بحقوقه حتى يوصل إلى كل مستحق حقه فأما الموصي له والورثة فحقهم مؤخر عن حق الغرماء والخلافة لكل منهم بقدر حقه فلهذا لا يبرأ إلا بدفعه إلى الوصي ولم يذكر في الكتاب ما إذا دفعه إلى الثلاثة جميعا .

قيل : يبرأ بالدفع إليهم ; لأن الحق لهم لا يعدوهم والأصح أنه لا يبرأ ; لأن الغرماء لا يتمكنون من الخصومة معه فلا يعتبر دفعه إليهم ولا حق للورثة والموصى له ما لم يصل إلى الغرماء حقهم فإذا أدى الورثة الدين والوصية ; جاز الدفع إلى الورثة ، وبرئ الكفيل من كفالته ; لأن المانع من صحة الدفع إليهم قيام حق الموصى له والغريم ، وقد زال ذلك بوصول حقهم إليهم فبقي الحق للورثة فلهذا جاز دفعه إليهم

التالي السابق


الخدمات العلمية