الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا وكله ببيع عدل زطي له ، فعمد الوكيل إلى العدل ، وقصره - فهو ضامن لما هلك عند القصار ; لأنه غير مأمور [ ص: 54 ] بالدفع إليه للقصارة ، فيكون بهذا الدفع مخالفا ضامنا ما هلك عند القصار ، فإن رجع إلى يد الوكيل ; برئ من ضمانه ، لأنه أمين خالف ، ثم عاد إلى الوفاق ، فلا يكون ضامنا لما هلك ، وأجرة القصار تكون على الوكيل ; لأنه هو الذي استأجره ، وإن باعه بعد القصارة ; فالثمن كله للموكل ، ولا شيء منه للوكيل ، باعتبار الأجرة للقصارة ; لأن القصارة ليست بعين مال قائم في الثوب ، وإنما هي إزالة الدرن ، والوسخ عن الثوب ، فإن اللون الأصلي للقطن إنما هو البياض ، ويتغير ذلك بالوسخ ، فإذا أزيلت عند القصارة ; عاد اللون الأصلي ، فإذا لم يكن للوكيل عين مال قائم باعتبار القصارة ; لا يكون له من الثمن حصة ، وكذلك إن فتل الثياب ، فأما إذا صبغها بعصفر ، أو زعفران ; فهو مخالف بما صبغ ; لأن صاحب الثوب ، لم يأمره به ، فهو كمودع ، أو غاصب صبغ الثوب ، فلصاحب الثوب أن يضمنه قيمة ثوبه أبيض ، وإن شاء أخذ الثوب منه ، ورد عليه ما زاد العصفر والزعفران فيه ، وإن شاء ; باعه الوكيل ، وضارب الآمر في الثمن بقيمة الثوب أبيض ، وضارب الوكيل ، بما زاد الصبغ فيه ; لأن الصبغ عين مال قائم في الثوب ، فيسلم للوكيل ما يخصه من الثمن ، وكان الخيار للمالك ; لأنه صاحب الأصل ، فإن الصبغ تبع ; لأن قيامه بالثوب ، وقيام البيع يكون بالأصل ; ولأن الثوب قائم من كل وجه ، والصبغ مستهلك من وجه دون وجه ; فلهذا كان الخيار لصاحب الثوب ، ولو صبغه أسود فعلى قول أبي حنيفة - رحمه الله - : السواد نقصان في الثوب لا زيادة ، فللموكل أن يأخذه ، ولا يعطي الوكيل ، فالثمن كله للآمر ، وعندهما السواد بمنزلة العصفر والزعفران ، وقيل : هذا اختلاف عصر وزمان ، فإن لبس السواد ، لم يكن ظاهرا في زمن أبي حنيفة - رحمه الله - فعده نقصانا في الثوب ، وقد ظهر في عهدهما فقالا : زيادة

وقيل : بل هذا يختلف باختلاف الثياب : فمن الثياب ما ينقص السواد من قيمته كالقصب ونحوه ، فيكون ذلك نقصانا فيه كما قال أبو حنيفة - رحمه الله - ومن الثياب ما يزيد السواد في قيمته ، فيكون الجواب فيه كما قالا ، وكان أبو يوسف - رحمه الله - يقول بقول أبي حنيفة ، فلما قلد القضاء ، وكلف السواد ; احتاج فيه إلى مؤنة فرجع وقال : السواد زيادة ، ثم الوكيل في هذا كله على وكالته في بيعه ، لأن ما عرض لا ينافي ابتداء التوكيل ، ولا يخرج المحل من أن يكون صالحا للتصرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية