الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو وكله بتقاضي دين له بشهود ، ثم غاب فشهد ابنان للطالب : أن أباهما قد عزله عن الوكالة وادعى المطلوب شهادتهما جازت شهادتهما ; لأنهما يشهدان على أبيهما للمطلوب ، فإن العزل إذا ثبت لم يكن المطلوب مجبرا على الدفع إلى الوكيل ، وشهادتهما على أبيهما مقبولة ، وإن لم ندع شهادتهما أجبر على دفع المال إلى الوكيل ; لأن الوكالة ظاهرة ، فجحوده العزل إقرار بثبوت حق القبض له في ماله ، وذلك صحيح .

وبهذه المسألة يتبين أن الوكيل بالتقاضي له أن يقبض كالوكيل بالخصومة ، بخلاف ما ظنه بعض أصحابنا - رحمهم الله - حيث جعلوا الوكيل بالتقاضي حجة لزفر - رحمه الله - في الخلافية ، وتكلفوا للفرق بينهما ، وكذلك شهادة الأجنبيين في هذا ، فإن جاء الطالب بعد دفع المال فقال : قد كنت أخرجته من الوكالة [ ص: 22 ] فأنا أضمن المطلوب ; لأن دفعه إليه بإقراره ، فإن كان الشاهد على العزل أمين الطالب لم يكن له أن يضمن المطلوب شيئا ; لأن شهادتهما الآن لأبيهما على المطلوب ، فإن أصل الوكالة ثابت ، وذلك يوجب براءة المطلوب بالدفع إلى الوكيل ما لم يثبت العزل ; فلهذا لا تقبل الشهادة .

وإن كان الشاهدان على العزل أجنبيين فقد ثبت العزل بشهادتهما ، وكان للطالب أن يرجع بماله على المطلوب إذا شهد أن الوكيل علم بالعزل ، وإن شهد الابنان قبل قدوم أبيهما : أن أباهما قد أخرج هذا من الوكالة ووكل هذا الآخر بقبض المال ، وإن أقر المطلوب بذلك دفعه إلى الآخر لإقراره بثبوت حق القبض له في ملكه ، لا بشهادة الابنين بالوكالة له ، وإن جحد دفعه إلى الأول ; لأن وكالته ثابتة ولم يثبت العزل بشهادتهما حين أنكره المطلوب ، فكان مجبرا على دفع المال إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية