الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وذبح ) الكتابي أصالة أو انتقالا فهو عطف على يناكح يعني أنه يصح ذبحه أو نحره بشروط ثلاثة أشار لأولها بقوله ( لنفسه ) أي ما يملكه لا إن كان مملوكا لمسلم فيكره لنا أكله على أرجح القولين الآتيين ولثانيها بقوله ( مستحله ) بفتح الحاء أي ما يحل له بشرعنا [ ص: 101 ] لا إن ذبح اليهودي ذا الظفر فلا يحل لنا أكله ، الثالث أن لا يذبحه لصنم كما يأتي قريبا فإن وجدت الشروط جاز ذبحه أو نحره ( وإن أكل الميتة ) أي استحل أكلها ( إن لم يغب ) على الذبيحة عند ذبحها بأن ذبحها بحضرة مسلم عارف بالذكاة الشرعية .

التالي السابق


( قوله : أو انتقالا ) أي كالمجوسي إذا تنصر ( قوله : فهو عطف على يناكح ) أي لا على تنصر أي لإيهامه قصر هذه الشروط على المجوسي مع أنها شروط في إباحة ذبيحة الكتابي ( قوله : يعني أنه يصح ذبحه ) أي الكتابي والأولى أن يقول يعني أنه يجوز ذبحه بدليل قوله الآتي فإن وجدت الشروط الثلاثة جاز ذبحه أي جاز أكل مذبوحه وبدليل قوله لا إن كان مملوكا لمسلم فإنه يكره أكله فإن الكراهة تجامع الصحة وحينئذ فلا يصح جعل قوله لنفسه شرطا في الصحة ( قوله : لا إن كان مملوكا لمسلم ) أي أو كان مشتركا بينه وبين مسلم ( قوله : على أرجح القولين الآتيين ) أي في قوله ، وفي ذبح كتابي لمسلم قولان ، وفيه أن كلامه هنا يقتضي أن القولين الآتيين بالكراهة والمنع ، وهو مخالف لما حل به كلام المصنف فيما يأتي فإنه حمل القولين على الجواز [ ص: 101 ] والمنع نعم كل من الحلين صحيح ; لأن المسألة ذات أقوال ثلاثة كما سيأتي بيانه ( قوله : لا إن ذبح اليهودي إلخ ) ، وأما لو ذبحه نصراني فإنه يحل لنا أكله فقول المصنف مستحله خاص باليهودي ، والشرط الذي قبله ، وهو قوله : لنفسه ، وما يأتي من عدم الذبح للصنم عام في اليهودي والنصراني ( قوله : إن لم يغب على الذبيحة ) أي فإن غاب عليها لم تؤكل ، وهذا التفصيل هو المشهور من المذهب ابن راشد القياس أنه إذا كان يستحل أكل الميتة أنه لا تؤكل ذبيحته ، ولو لم يغب عليها ; لأن الذكاة لا بد فيها من النية ، وإذا استحل الميتة فكيف ينوي الذكاة ، وإن ادعى أنه نواها فكيف يصدق ، وقبله الباجي وابن عرفة .

واعلم أن ما ذكره المصنف من أن المشهور أكل ذبائحهم ، وإن أكلوا الميتة إن لم يغيبوا عليها بناء على المعتمد من أن نية الذكاة لا تشترط من الكافر ، وما قاله غيره من عدم الأكل مطلقا غابوا عليها أم لا بناء على أن نية الذكاة لا بد منها في حق كل مذك وسيأتي ذلك الخلاف .




الخدمات العلمية