الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) جاز ( قبول الإمام ) ، وأمير الجيش ( هديتهم ) إن كان فيهم منعة وقوة ، لا إن ضعفوا وأشرف الإمام على أخذهم ، وقصدوا توهين المسلمين [ ص: 183 ] ( وهي ) أي الهدية ( له ) أي للإمام يختص بها ( إن كانت من بعض ) منهم له ( لكقرابة ) أو صداقة أو مكافأة وسواء دخل بلد العدو أم لا فإن كانت لا لكقرابة فهي فيء للمسلمين بلا تخميس إن لم يدخل بلادهم ، وإلا فغنيمة تخمس ( و ) هي ( فيء ) ترصد لمصالح المسلمين بلا تخميس ( إن ) ( كانت ) الهدية للإمام ( من الطاغية ) أي ملكهم ( إن لم يدخل ) الإمام ( بلده ) أي إقليمه كانت لكقرابة أم لا فإن دخلها فغنيمة للجيش تخمس ، وهذا كله في الهدية للإمام كما هو صريحه فإن كانت لغيره فهي له كانت من الطاغية أو من بعضهم لكقرابة أو لا دخل الإمام بلادهم أم لا إلا أن يكون الغير له كلمة وجاء عند الإمام فيجري فيه تفصيل الإمام . ( و ) جاز ( قتال روم ) ، وهم الإفرنج ( وترك ) فغيرهم أولى وإنما نص على من ذكر للإشارة إلى أن حديث اتركوا الحبشة ما تركوكم أو اتركوا الترك ما تركوكم محمول على الإرشاد ، وأن قتال غيرهم في ذلك الزمان أولى ، وفي نسخة نوب بدل روم ، ويراد بهم الحبشة وإن كان النوب غيرهم في الأصل ، وهي الصواب لموافقتها الحديث المذكور ، وأما الروم فلم يرد النهي عن قتالهم حتى يعتني بالنص عليهم ( و ) جاز ( احتجاج عليهم ) أي الكفار ( بقرآن ) إن أمن سبهم له أو لمن أنزل عليه ، وإلا حرم والمراد تلاوته عليهم ( وبعث كتاب ) لهم ( فيه كالآية ) والآيتين والثلاثة إن أمن السب والامتهان .

التالي السابق


( قوله : وجاز قبول الإمام ) أي في حالة الجهاد ، وقيام الحرب ( قوله : لا إن ضعفوا إلخ ) أي فلا تقبل حينئذ لكن مع العمل بما قصدوه ، وإلا فلا مانع من قبولها كذا قرر شيخنا [ ص: 183 ] قوله : وهي له إلخ ) حاصل صور هذه المسألة ستة عشر ; لأن المهدي إما الطاغية أو بعض جنده ، وفي كل إما لكقرابة أو لا ، وفي كل إما قبل دخول بلده أو بعده فهذه ثمانية والمهدى له إما الإمام أو بعض جنده فإن كانت الهدية للإمام من غير الطاغية فهي للإمام إن كانت لكقرابة كانت قبل دخول بلد العدو أو بعد دخولها ، وإن كانت لغير قرابة فإن كانت قبل دخول بلدهم ففيء ، وإن كانت بعد فغنيمة فهذه أربعة وإن كانت للإمام من الطاغية فإن كانت قبل دخول بلدهم ففيء ، وإن كانت بعد فغنيمة وسواء كانت لكقرابة أم لا فهذه أربعة أيضا فالجملة ثمانية ، وإن كانت الهدية لغير الإمام فهي له سواء كانت من الطاغية أو من غيره لكقرابة أو لا بعد دخول بلدهم أو قبله فهذه ثمانية أيضا .

( قوله : وإنما نص على من ذكر ) أي على جواز قتال من ذكر دون غيرهم مع أن غيرهم كالحبشة والقبط والزنج كذلك يجوز قتالهم أيضا .

( قوله : محمول على الإرشاد ) أي أن الأمر في الحديث محمول على الإرشاد لما هو الأفضل في ذلك الوقت لا أنه للوجوب كأقيموا الصلاة ولا للإهانة نحو { كونوا حجارة أو حديدا } فالنبي عليه الصلاة والسلام أرشدنا ودلنا على أنه يجوز لنا أن نترك مقاتلتهم ونشتغل بمقاتلة غيرهم في ذلك الزمان لكونه أولى لقوة ذلك الغير من غير أن يكون ذلك الترك واجبا علينا ، وإذا كان ترك مقاتلتهم جائزا كان قتالهم جائزا كما أفاده المصنف فلا معارضة بين كلام المصنف والحديث ( قوله : وإن كان النوب غيرهم في الأصل ) أي ; لأن النوب في الأصل صنف من السودان ( قوله : لموافقتها الحديث ) أي وللإجماع على جواز قتال الروم فلا وجه لذكرهم بخلاف الحبشة فقد قيل بمنع قتالهم هم والترك .

( تنبيه ) الروم أولاد روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم سموا باسم أبيهم ، وهم الذين تسميهم أهل هذه البلاد بالإفرنج ، وهم فرق كثيرة كالإنجليز والفرنسيس ودبره ونيمسه وموسقه وغير ذلك ، وأما الترك فهم جيل من الناس لا كتاب لهم من أولاد يافث بن نوح تركوا من يأجوج ، ومأجوج خلف السد لا يكادون يفقهون قولا تولد لسانهم من الفارسي مع شيء من العربي . ( قوله وإلا حرم ) ظاهره ، ولو كان الاحتجاج به عليهم مع السب نافعا ، وهو الصواب كما في بن خلافا لما في عبق من الجواز حينئذ .

( قوله : والمراد ) أي بالاحتجاج عليهم بالقرآن تلاوته عليهم أي لعلهم يرجعون .




الخدمات العلمية