الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              التاسع عشر : في الكلام على قوله تعالى : عندها جنة المأوى [النجم : 15]

                                                                                                                                                                                                                              قال القرطبي : هذا تعريف بموضع جنة المأوى وأنها عند سدرة المنتهى ، وهي عن يمين العرش ، وقيل أوى إليها آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرج منها . وقيل : إن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى ، وهي تحت العرش فيتنعمون [بنعيمها ويتنسمون بطيب ريحها] . وقيل : لأن جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها .

                                                                                                                                                                                                                              اللباب : «جملة ابتدائية في موضع الحال ، والأحسن أن يكون الحال الظرف ، وجنة المأوى فاعل به . والعامة أن جنة اسم مرفوع وقرأ أمير المؤمنين علي ، وأبو الدرداء ، وأبو هريرة ، وابن الزبير ، وأنس من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وزر بن حبيش ، ومحمد بن كعب من التابعين : جنه فعلا ماضيا ، والهاء ضمير المفعول يعود للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمأوى فاعل [ ص: 51 ] بمعنى ستره إيواء الله إياه . ويقال ضمه البيت والليل ، وقيل جنه بظلاله ودخل فيه» .

                                                                                                                                                                                                                              قال الإمام الرازي : «ويحتمل أن يكون الضمير في «عندها» على هذه القراءة عائدا إلى النزلة ، أي عند النزلة جن محمدا المأوى ، أي ستره ، والصحيح أنه عائد إلى السدرة» .

                                                                                                                                                                                                                              اللباب : «وهذا قول الجمهور ، وقد أنكرت عائشة رضي الله تعالى عنها هذه القراءة ، وتبعها جماعة وقالوا : «أجن الله من قرأها» . فإذا ثبتت قراءة عن مثل هؤلاء فلا سبيل إلى ردها .

                                                                                                                                                                                                                              ولكن المستعمل إنما هو «أجنه» رباعيا ، فإن استعمل ثلاثيا تعدى «بعلى» ، كقوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                              فلما جن عليه الليل [الأنعام : 76] . وقال أبو البقاء : هو شاذ والمستعمل : أجنه» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية