الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قال الحافظ ابن كثير وابن حجر وغيرهما : جاءت عن ابن عباس أخبار مطلقة [ ص: 63 ] كما تقدم وأخبار مقيدة ، فيجب حمل مطلقها على مقيدها . فمن المقيدة ما رواه مسلم عن أبي العالية في قوله تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى [النجم : 11] ، ولقد رآه نزلة أخرى [النجم : 13] ، قال : «رآه بفؤاده مرتين» . وروى أيضا عن طريق عطاء عنه قال : «رآه بقلبه» . وروى ابن مردويه من طريق عطاء عنه أيضا في الآية قال : «لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه إنما رآه بقلبه» . وروى النسائي وابن خزيمة عن أبي ذر في الآية قال : «رآه بقلبه ولم يره بعينه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق موسى بن عبيد عن محمد بن كعب القرظي -بالظاء المعجمة المشالة وبالتحتية-

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن جرير عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قلنا : يا رسول الله ، هل رأيت ربك؟ قال : لم أره بعيني ، رأيته بفؤادي مرتين»

                                                                                                                                                                                                                              ثم تلا ثم دنا فتدلى [النجم : 8]
                                                                                                                                                                                                                              وموسى ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال الحافظ : المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب ، لا مجرد حصول العلم لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالله تعالى على الدوام . بل مراد من أنه أثبت له أنه رآه بقلبه أن الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما تخلق الرؤية بالعين لغيره ، زاد صاحب السراج : «بخلاف غيره من الأولياء ، فإنهم إذا أطلقوا الرؤية والمشاهدة لأنفسهم ، فإنهم إنما يريدون «المعرفة» فاعلمه ، فإنه من الأمور المهمة التي يغلط فيها كثير من الناس» . انتهى . والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا ولو جرت العادة بخلقها في العين . قال الواحدي : «وعلى القول بأنه رآه بقلبه جعل الله تعالى بصره في فؤاده ، أو خلق لفؤاده بصرا حتى رأى ربه رؤية صحيحة كما يرى بالعين» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : على هذه الآثار المقيدة عن ابن عباس يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة ، بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباتها على رؤية القلب .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع :

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن كثير : [فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت ربي عز وجل ،

                                                                                                                                                                                                                              فإنه حديث إسناده صحيح . على شرط الصحيح لكنه مختصر من حديث المنام كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : قال ابن كثير : من روى عن ابن عباس أنه رآه ببصره فقد أغرب فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة . وقول البغوي : وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه ، وهو قول أنس والحسن وعكرمة فيه نظر . قلت : سبق البغوي إلى ذلك الإمام أبو الحسن الواحدي وقول ابن كثير : إنه لم يصح في ذلك شيء عن الصحابة فليس بجيد ، قال : فقد روى الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس إنه كان يقول : نظر محمد إلى ربه مرتين : مرة ببصره ومرة بفؤاده . [ ص: 64 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية