الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فإن ) ( دفنها بموضع ) ولو في حرز ( وسافر ) ( ضمن ) ; لأنه عرضها للضياع ( فإن أعلم بها أمينا ) وإن لم يره إياها ( يسكن الموضع ) وهو حرز مثلها أو يراقبه من سائر الجوانب أو من فوق مراقبة الحارس واكتفى جمع بكونه في يده ( لم يضمن في الأصح ) ; لأن ما في الموضع في يد ساكنه فكأنه أودعه إياه

                                                                                                                            والثاني يضمن ; لأن هذا إعلام لا إيداع لعدم التسليم ، ويؤخذ مما تقرر أن محل ذلك عند تعذر الحاكم الأمين وإلا ضمن كما صرحوا به ، وهذا الإعلام ليس بإشهاد وإنما هو ائتمان ، فيكفي إعلام امرأة وإن لم تحضره ، وعليه فظاهر كلامهم عدم وجوب الإشهاد هنا ويؤيده ما مر ( ولو سافر ) من أودعها في الحضر ولم يعلم أن من عادته السفر أو الانتجاع ( بها ) وقدر على دفعها لمن مر بترتيبه ( ضمن ) وإن كان في بر آمن ; لأن حرز السفر دون حرز الحضر ومن ثم نقل عن بعض السلف المسافر وماله على قلت : أي بفتح اللام والقاف هلاك إلا ما وقى الله ، وقد وهم من رواه حديثا ، كذا نقل عن المصنف رحمه الله ، وممن رواه حديثا الديلمي وابن الأثير وسندهما ضعيف لا موضوع .

                                                                                                                            أما إذا أودعها في السفر فاستمر مسافرا أو أودع بدويا ولو في الحضر أو منتجعا فانتجع بها فلا ضمان لرضا المالك بذلك حين أودعه عالما بحاله ، ومن ثم لو دلت قرينة حالية على أنه إنما أودعه فيه لقربه من بلده امتنع إنشاؤه .

                                                                                                                            [ ص: 118 ] لسفر ثان كما ذكره القاضي وغيره ( إلا إذا وقع حريق أو غارة وعجز عمن يدفعها إليه ) من مالك أو وكيله ثم حاكم ثم أمين ( كما سبق ) قريبا فلا يضمن لعذره بل لو علم أنه لا ينجيها من الهلاك إلا السفر بها لزمه ولو مخوفا ، فإن لم يعلم ذلك فإن كان احتمال الخوف في الحضر أقرب جاز ، ولو قيل بوجوبه لم يبعد ، وقوله وعجز بمعنى أو فوجود العجز كاف كما علم من كلامه قبل ولو حدث له في الطريق خوف أقام بها ، فإن هجم عليه القطاع فطرحها بمضيعة ليحفظها فضاعت ضمن ، وكذا لو دفنها خوفا منهم عند إقبالهم ثم أضل موضعها كما قاله القاضي وغيره إذ كان من حقه أن يصبر حتى تؤخذ منه فتصير مضمونة على آخذها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله واكتفى جمع ) ضعيف ، وقوله بكونه : أي الحرز ، وقوله في يده : أي الساكن وإن لم يعلمه ( قوله : ويؤيده ما مر ) [ ص: 118 ] أي من قياس الأمين على الحاكم ( قوله : لزمه ولو مخوفا ) أي ويأتي في المؤنة المحتاج إليها في السفر الوديعة ما مر وإن كانت المؤنة فيما يحتاج الوديع إليه في السفر لأجلها فقط ( قوله ولو قيل بوجوبه ) أي حيث أمن على نفسه ( قوله فضاعت ضمن ) أي وإن جهل ; لأن الجهل بالحكم لا يسقط الضمان .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله على أنه إنما أودعه ) أي المسافر [ ص: 118 ] قوله : وقوله وعجز بمعنى أو فوجود العجز كاف ) يلزم على جعلها بمعنى أو وإن أفاد ما ذكره أنه لا يضمن عند وقوع الحريق أو الغارة وإن لم يعجز عمن يدفعها إليه مع أن المدار إنما هو على العجز خاصة ، وعبارة التحفة وما اقتضاه سياقه أنه لا بد في نفي الضمان من العذر والعجز المذكورين غير مراد بل العجز كاف كما علم من كلامه انتهت ( قوله : كما علم من كلامه ) نظر فيه الشهاب سم والنظر ظاهر




                                                                                                                            الخدمات العلمية