الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) أوصى ( لشخص ) واحد أو متعدد ( فالشرط أن ) يكون معينا كما في المحرر : أي ولو بوجه لما يأتي في إن كان ببطنها ذكر . واكتفى عنه بما بعده ; لأن الملك الذي الكلام فيه لا يتصور للمبهم كأحد الرجلين ما دام على إبهامه وهو ما يحصل بعقد مالي . وإنما صح أعطوا هذا أحدهما ; لأنه تفويض لغيره وهو إنما يعطي معينا ، ومن ثم صح قوله لوكيله بعه لأحدهما وأن يكون ممن يمكن أن ( يتصور له الملك ) وقت الوصية كما صرح به في الحمل ولهذا لو أوصى لحمل سيحدث لم تصح ، وإن حدث قبل موت الموصي ; لأنها تمليك ، وتمليك المعدوم ممتنع ، وأنه لا متعلق للعقد في الحال فأشبه الوقف على من سيولد له ، وقد صرحوا بذلك في المسجد فقالوا : لو أوصى لمسجد سيبنى بطل : أي وإن بني قبل موته فقول جمع حال موت الموصي فيه إبهام فخرج المعدوم والميت والبهيمة في غير ما يأتي .

                                                                                                                            نعم قياس ما مر في الوقف أنه لو جعل المعدوم تبعا للموجود كأن أوصى لأولاد زيد الموجودين ومن سيحدث له من الأولاد صحت تبعا لهم ، ويؤيده قول الروضة : الأولاد والذرية والنسل والعقب والعترة على ما ذكرنا في الوقف ، واعتمد جمع الفرق بأن من شأن الوصية أن يقصد معها معين موجود ، ولا كذلك الوقف ; لأنه للدوام المقتضي لشموله للمعدوم ابتداء ، وقال إنها للتمليك وتمليك المعدوم ممتنع كما صرح به الرافعي تعليلا للمذهب من بطلان الوصية لما ستحمله هذه المرأة . ولا يرد على المصنف صحتها مع عدم ذكر جهة ولا شخص كأوصيت بثلث مالي ويصرف للفقراء والمساكين ، أو بثلثه [ ص: 44 ] لله ويصرف في وجوه البر ; لأن من شأن الوصية أن يقصد بها أولئك مكان إطلاقها بمنزلة ذكرهم ففيه ذكر جهة ضمنا وبهذا فارقت الوقف فإنه لا بد فيه من ذكر المصرف ، وسيأتي صحتها بغير المملوك .

                                                                                                                            ولو أشار لمملوك غيره بقوله أوصيت بهذا ثم ملكه لم تصح كما جزم به الرافعي واعتمده جمع منهم ابن الرفعة والبلقيني ، لكن قال المصنف : إن قياس الباب الصحة أن يصير موصى به إذا ملكه قبل موته وهو المعتمد ( فتصح لحمل ) حرا كان أو رقيقا من زوج أو شبهة أو زنا ( وتنفذ ) بالمعجمة ( إن انفصل حيا ) حياة مستقرة ، وإلا لم يستحق شيئا كالإرث ( وعلم ) أو ظن ( وجوده عندها ) أي الوصية ( بأن انفصل لدون ستة أشهر ) منها ( فإن انفصل لستة أشهر فأكثر ) منها ( والمرأة فراش زوج أو سيد ) وأمكن كون الولد من ذلك الفراش ( لم يستحق ) الموصى به لاحتمال حدوثه من ذلك الفراش بعد الوصية فلا يستحق بالشك ، وكذا لو كان بين أوله والوضع دون ستة أشهر أو كان ممسوحا فهو كالمعدوم ، ويؤخذ مما تقرر ظهور قول الإمام لا بد أن يمكن غشيان ذي الفراش لها : أي عادة فإن أحالته العادة فلا استحقاق .

                                                                                                                            ( فإن لم تكن فراشا ) لزوج أو سيد أو كانت ( وانفصل ) لدون ستة أشهر منه و ( لأكثر من أربع سنين ) من الوصية ( فكذلك ) لا يستحق للعلم بحدوثه بعد الوصية ( أو لدونه ) أي دون الأكثر ( استحق في الأظهر ) ; لأن الظاهر وجوده عند الوصية . والثاني لا يستحق لاحتمال حدوثه بعدها واعتبار هذا الاحتمال فيما تقدم ; لموافقته للأصل وما ذكره من إلحاق الأربع بما دونها والستة بما فوقها هو الذي في الروضة وغيرها وهو المعتمد ، وإن صوب الإسنوي وغيره إلحاقها بما دونها إذ لا بد من تقدير زمن يسع الوطء والوضع كما ذكروه في العدد في محال أخر . ورده الشيخ بأن لحظة الوطء إنما اعتبرت جريا على الغالب من أن العلوق لا يقارن أول المدة ، وإلا فالعبرة بالمقارنة ، فالستة على هذا ملحقة بما فوقها كما قالوه هنا ، وعلى الأول بما دونها كما قالوه في المحال الأخر ، وبذلك علم أن كلا صحيح وأن التصويب سهو .

                                                                                                                            وحاصله أن وجود الفراش ثم وعدمه هنا غلب على الظن التفرقة بينهما بما ذكر ، والكلام كله حيث عرف لها فراش سابق ثم انقطع ، أما من لم يعرف لها فراش أصلا [ ص: 45 ] فلا استحقاق قطعا ، وإن انفصل لأربع فأقل لانحصار الأمر حينئذ في وطء الشبهة أو الزنا كما أفاده السبكي تفقها ، ونقله غيره عن الأستاذ أبي منصور ، وفي كلام الشيخين ما يدل له ، وسيعلم من كلامه قبيل العدد أن التوأمين حمل واحد فاندفع ما أورده عليه جمع ، وهو ما لو انفصل أحد توأمين لستة أشهر ثم انفصل توأم آخر بينه وبين الأول دون ستة أشهر فإنه يستحق ، وإن انفصل لفوق ستة أشهر من الوصية ، وتقبل الوصية له ولو قبل انفصاله على المعتمد خلافا لابن المقري ، ويؤيده ما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا ; لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر بل في كلام الشيخين في الإقرار ما يقتضي ترجيح ما ذكرناه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : واكتفى عنه ) أي عن قوله أن يكون معينا ( قوله : صحت تبعا لهم ) معتمد وقوله : على ما ذكرنا في الوقف خبر عن قوله الأولاد إلخ ، وقوله : واعتمد جمع إلخ ضعيف ( قوله : كأوصيت بثلث مالي ) أي فإنه [ ص: 44 ] يصح مع عدم ذكر مصرف ويصرف للفقراء إلخ ( قوله : ويصرف في وجوه البر ) أي ولا يختص بالفقراء والمساكين ( قوله : إن قصد بها أولئك ) أي من الفقراء والمساكين ووجوه البر فحمل عليهم على ما مر . ( قوله : وسيأتي صحتها ) ذكره توطئة لقوله ولو أشار فإنه موصى به مع كونه غير مملوك ، ومع ذلك فكان الأولى تأخير الكلام عليه إلى الموصى به ( قوله : وهو المعتمد ) أي ; لأن العبرة في الوصية بوقت الموت قبولا وردا ( قوله : وكذا لو كان بين أوله ) أي الفراش ( قوله : فهو ) أي الفراش كالمعلوم .

                                                                                                                            ( قوله : ويؤخذ مما تقرر ) أي في قوله أو كان ممسوحا ( قوله : لموافقته للأصل ) أي بلا معارض ، وعبارة ع يريد الأصل الذي لم يعارضه ظاهر ( قوله : حيث عرف لها ) أي لمن أوصى [ ص: 45 ] لحملها ( قوله : وإن انفصل لأربع فأقل ) أي وينبغي أن يقال ولستة أشهر فأكثر ، أما لو انفصل لدون ستة أشهر من الوصية استحق كما هو ظاهر للقطع بأنه كان موجودا عند وقتها ، وغايته أنه من شبهة أو زنا وقد تقدم صحة الوصية للحمل منهما ( قوله : وتقبل الوصية له ) أي للحمل والقابل لها الولي عليه بتقدير انفصاله حيا ، ويحتمل أن الذي يقبل له الحاكم مطلقا لعدم تحققه والظاهر الأول ، ثم رأيت في حج الجزم بما استظهرناه ، ثم رأيت في نسخة أيضا : ويقبل الوصية له وليه ولو إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 42 - 43 ] قوله : وهو ما يحصل بعقد مالي ) أي الملك ( قوله : فيه إيهام ) أي إيهام أنه لا يشترط وجوده وقت الوصية ( قوله : وقد صرحوا بذلك في المسجد ) هذا كالصريح في أنهم لم يصرحوا به في غير المسجد مع أنه مصرح به في الشامل الصغير [ ص: 44 ] على الإطلاق ، وعبارة : لا لأحد العبدين : أي فلا تصح الوصية له ومن سيوجد ( قوله : وستأتي صحتها بغير المملوك ) كأنه دفع ما يتوهم من قول المصنف يتصور له الملك من عدم صحتها بغير المملوك ، ولعل هذا أولى مما في حاشية الشيخ ( قوله : وكذا لو كان بين أوله والوضع ) صوابه أما لو كان إلخ ، إذ هو مفهوم ما زاده بقوله وأمكن كون الولد من ذلك الفراش كما يعلم من التحفة ( قوله : أو كانت وانفصل لدون ستة أشهر ) كذا في التحفة ، ونازع فيه الشهاب سم ثم أجاب عنه بأنه إنما ذكره توطئة للصورة الثانية وهي الانفصال لأقل ( قوله : على هذا ) يعني ما بعد وإلا وقوله وعلى الأول : يعني ما قبلها ( قوله : وحاصله أن وجود الفراش إلخ ) هذا وما بعده لا يوافق [ ص: 45 ] ما حل به المتن ( قوله : وإن انفصل لأربع فأقل ) أي وفوق ستة أشهر لعدم فراش حينئذ يحال عليه كما هو ظاهر ، وإلا فقد مر أن الحمل يستحق وإن كان من زنا أو شبهة فليراجع ( قوله : وتقبل الوصية له ) يعني مطلق الحمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية