الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( قال ) له ( اربط ) بكسر الباء أشهر من ضمها ( الدراهم في كمك فأمسكها في يده فتلفت ) ( فالمذهب أنها إن ضاعت بنوم ونسيان ) الواو فيه بمعنى أو ( ضمن ) لحصول التلف من جهة المخالفة ، إذ لو ربطت لم تضع بهذا السبب ( أو ) تلفت ( بأخذ غاصب فلا ) ضمان ; لأن اليد أمنع له من الربط ، نعم إن نهاه عن أخذها بيده ضمن مطلقا .

                                                                                                                            والطريق الثاني إطلاق قولين .

                                                                                                                            والطريق الثالث إن اقتصر على الإمساك ضمن وإن أمسك بعد الربط فلا ، وعلى الأول لا يلزمه بعد ربطها في كمه إمساكها بيده ، بل إن كان الربط من خارج الكم فأخذها القاطع ضمن ; لأن فيه إظهارها وتنبيه القاطع وإغراءه عليها لسهولة قطعه أو حله عليه حينئذ ، لا إن استرسلت بانحلال العقدة وضاعت وقد احتاط في الربط فلا ضمان ; لأنها إن انحلت بقيت الوديعة في الكم أو كان الربط من داخله فبالعكس فيضمنها بالاسترسال لتناثرها بالانحلال لا إن أخذها القاطع لعدم تنبيهه ، ولا يشكل بكون المأمور به مطلق الربط ، فإذا أتى به لم ينظر لجهات التلف كما لو قال احفظه في البيت فوضعه بزاوية فانهدمت ولو كان بغيرها لسلم ; لأن الربط من فعله وهو حرز من وجه دون وجه ، وقوله اربط مطلق لا شمول فيه ، فإذا جاء التلف مما آثره ضمن ، ولا كذلك زوايا البيت ; ولأن الربط للعرف دخل في تخصيصه بالحكم وإن شمل لفظه غيره ، ولا كذلك البيت ، إذ لا دخل للعرف في تخصيص بعض زواياه وإن فرض اختلافها بناء وقربا من الشارع على ما اقتضاه إطلاقهم ، ولو كان عليه قميصان فربطها في التحتاني منهما فيظهر عدم ضمانه سواء أربط داخل الكم أم خارجه لانتفاء المعنى الذي ذكروه ( ولو جعلها ) وقد قال له اربطها في كمك ( في جيبه ) وهو المعروف بشرط أن يكون مغطى بثوب فوقه كما هو ظاهر ، والذي بإزاء الحلق ، وهو الذي ذكره الجوهري وغيره من أئمة اللغة ، ويوافقه كلام الأصحاب في ستر العورة في الصلاة ، وهو معتاد عند المغاربة أو ما يعتاده بعض الناس من جعله عند طوقه فتحة نازلة كالخريطة ( بدلا عن الربط في الكم ) فضاعت من غير ثقب فيه لما يأتي ( لم يضمن ) ; لأنه أحرز ما لم يكن واسعا غير مزرور ، وقول البلقيني الكم أحرز منه ; لأن الدراهم قد تسقط منه في النوم ونحوه مردود بأن الكم كذلك ، وأن هذا لا يتأتى إلا في واسع غير مزرور

                                                                                                                            وقد علم أنه لا بد من كونه ضيقا أو مزرورا وهو حينئذ أحرز من الكم بلا شبهة ( وبالعكس ) بأن أمره بوضعها في الجيب فربطها في الكم ( يضمن ) قطعا لما تقرر أن الجيب بشرطه أحرز منه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله ضمن مطلقا ) أي بنوم أو نسيان أو أخذ غاصب ( قوله : فلا ضمان ) أي ويصدق في ذلك ( قوله : لعدم تنبيهه ) أي الوديع إياه ، وقوله ولا يشكل : أي هذا التفصيل ( قوله ولا كذلك زوايا البيت ) نعم هو كذلك في الزوايا أنفسها .

                                                                                                                            أما الوضع في واحدة منها فمن فعله وهو مطلق ، فإذا جاء من الجهة التي اختارها ضمن ( قوله لانتفاء المعنى ) أي وهو ظهورها للسارق ( قوله وهو المعروف ) أي مما يجعل على الفخذ ( قوله لما تقرر أن الجيب بشرطه ) أي وهو كونه ضيقا [ ص: 125 ] أو مزرورا .




                                                                                                                            الخدمات العلمية