الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإذا اجتمع تبرعات متعلقة بالموت وعجز الثلث ) عنها ( فإن تمحض العتق ) [ ص: 57 ] كأعتقتكم أو أنتم أحرار أو سالم وغانم وخالد أحرار بعد موتي أو سالم حر بعد موتي وغانم كذلك أو دبر عبدا أو أوصى بإعتاق آخر ( أقرع ) سواء أرفع ذلك معا أم مرتبا ، فمن أقرع عتق منه ما يفي بالثلث ; لأن مقصود العتق التخلص من الرق ولا يحصل مع التشقيص ( أو ) تمحض ( غيره قسط الثلث ) على الجميع باعتبار القيمة أو المقدار لعدم المرجح مع اتحاد وقت الاستحقاق ، فلو أوصى لزيد بمائة ولبكر بخمسين ولعمرو بخمسين ولم يرتب وثلثه مائة أعطي الأول خمسين وكل من الأخيرين خمسة وعشرين ( أو ) اجتمع ( هو ) أي العتق ( وغيره ) كأن أوصى بعتق سالم ولزيد أو الفقراء بمائة أو عين مثلية أو متقومة ( قسط ) الثلث عليهما ( بالقيمة ) أو مع المقدار لاتحاد وقت الاستحقاق نعم لو تعدد العتق أقرع فيما يخصه أو دبر قنه وهو بمائة وأوصى له بمائة وثلث ماله مائة قدم عتقه ولا شيء له بالوصية ( وفي قول يقدم العتق ) لقوته ، أما لو اعتبر الموصي وقوعها مرتبة كأعتقوا سالما ثم غانما أو فغانما وكأعطوا زيدا مائة ثم عمرا مائة وكأعتقوا سالما ثم أعطوا زيدا مائة فلا بد من تقديم ما قدمه ( أو ) اجتمع تبرعات ( منجزة ) مرتبة بالفعل كأن أعتق ثم تصدق ثم وقف ثم وهب وأقبض وكقوله سالم حر وغانم حر لا حران ( قدم الأول فالأول حتى يتم الثلث ) لقوته لسبقه وما زاد يتوقف على الإجازة ، ولو تأخر القبض عن الهبة اعتبر وقته كما مر ; لأن الملك متوقف عليه نعم المحاباة في نحو بيع غير مفتقرة لقبض ; لأنها تابعة

                                                                                                                            ( فإن وجدت دفعة ) بضم الدال ( واتحد الجنس كعتق عبيد أو إبراء جمع ) كأعتقتكم أو أبرأتكم ( أقرع في العتق ) لخبر مسلم { أن رجلا أعتق ستة لا يملك غيرهم عند موته ، فدعاهم صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا وأقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة } ( وقسط في غيره ) باعتبار القيمة أو المقدار ، وفيما إذا كان فيها حج تطوع يعتبر أجرة المثل ; لأنها قيمة المنفعة ولا يقدم على غيرها فيما يظهر ، ولو أعتقهما وشك في الترتيب والمعية عتق من كل نصفه ، وكالشك ما لو علم ترتيب دون عين السابق أو نسيت : أي ولو لم يرج بيانها ( وإن اختلف ) الجنس ( و ) صورة وقوعها معا حينئذ ( إما بأن قيل له أعتقت وأبرأت ووقفت فيقول نعم أو ) بأن ( تصرف وكلاء ) له فيها بأن وكل وكيلا في هبة وقبض وآخر في صدقة وآخر في إبراء وتصرفوا معا ( فإن لم يكن فيها عتق قسط ) الثلث عليها ( وإن كان ) [ ص: 58 ] فيها عتق ( قسط ) الثلث وأقرع فيما يخص العتق كما مر ( وفي قول يقدم ) العتق كما مر ، ولو اجتمع منجزة ومعلقة بالموت قدمت المنجزة للزومها ( ولو كان له عبدان فقط ) أي لا ثالث له غيرهما ولا يخرج من الثلث إلا أحدهما وهذا مجرد تصوير فلا اعتراض عليه ( سالم وغانم ) وهو يخرج من ثلثه وحده ( فقال إن أعتقت غانما فسالم حر ) سواء أقال في حال إعتاقي غانما أم لا ( ثم أعتق غانما في مرض موته عتق ) غانم ( ولا إقراع ) لاحتمال أن تخرج القرعة بالحرية لسالم فيلزم إرقاق غانم فيفوت شرط عتق سالم ، ولو خرجا من الثلث عتقا أو مع بعضه عتق وبعض سالم كما أفاد ذلك كله بكلامه في مواضع أخر ، فإن لم يخرج من الثلث عتق بقسطه ، وعلم مما تقرر أنه لو أوصى بأنواع فعجز ثلثه عنها وزع على قيمتها وأجرتها كإطعام عشرة وحمل آخرين إلى موضع كذا والحج عنه ، ولو أوصى ببيع كذا لزيد تعين : أي ولو لم يكن فيه رفق ظاهر فيما يظهر ; لأنه قد يكون له في ذلك غرض ، فإن أبى بطلت الوصية إلا أن يقول فتباع لغيره إن لم يقبل ، بخلاف ما لو أوصى بأن يحج عنه بكذا فامتنع فإنه يستأجر عنه : أي توسعة في طرق العبادة ووصول ثوابها له بحج الغير ، ولا كذلك شراء الغير

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإذا اجتمع تبرعات إلخ ) أي بلا اعتبار ترتيب من الموصي كما يدل عليه قوله أما لو اعتبر الموصى [ ص: 57 ] إلخ ( قوله : فمن أقرع ) أي خرجت له القرعة ( قوله : باعتبار القيمة أو المقدار ) أي فيما إذا لم يحتج للتقويم بأن استوت القيمة كدراهم أو دنانير ( قوله أو مع المقدار ) أي كأن كان الموصى به عبدا ومائة ( قوله : فيما يخصه ) أي العتق ( قوله لا حران ) أي لحصول عتقهما معا فلا مزية لأحدهما على الآخر فيقرع بينهما كما تقدم إن لم يخرجا من الثلث ( قوله : اعتبر وقته ) أي القبض ( قوله غير مفتقرة لقبض ) أي فيعتبر فيها وقت عقد البيع لا وقت قبض المبيع ، فإن خرج وقت عقد البيع ما جاء بأنه من الثلث نفذ وإلا فلا ( قوله : فجزأهم ) هو بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان ، ذكره ابن السكيت وغيره ومعناه قسمهم شرح مسلم للنووي ، وقوله وتخفيفها : أي مع قطع الهمزة هكذا فأجزأهم ( قوله : وفيما إذا كان فيها حج تطوع ) لعل صورته أن يقول : أوصيت بحجة تطوع ولزيد ومسجد كذا مثلا بمائة ، فالتبرعات من جنس واحد وهو الوصية والمائة مثلا تقسط عليها فلا إشكال في قوله وفيما إذا كان إلخ مع كون المقسم أنها وجدت دفعة وأنها من جنس واحد .

                                                                                                                            ( قوله : ولا يقدم ) أي الحج على غيره : أي فإن خصه ما يفي بالأجرة فذاك وإلا استؤجر من يحج عنه بما يخص الوصية حيث أمكن ، فإن تعذرت لغت الوصية [ ص: 58 ] ورجع ما يخص الحج للورثة ( قوله : وأقرع فيما يخص العتق ) وذلك فيما إذا تعدد العتق ولم يف ما يخص العتق بجميعهم فلو أعتق سالما وغانما وتصدق على زيد بمائة معا وثلث ماله مائة أعطي زيد خمسين وأقرع بين العبدين ، فمن خرجت له القرعة عتق كله إن كانت قيمته خمسين ، وقدرها فقط إن زادت قيمته عليها ، فإن كانت قيمته دون الخمسين عتق كله وعتق من الآخر ما يفي بالخمسين ( قوله : والحج عنه ) أي ثم إن كان الحج عنه مفروضا ووفى ما يخصه من الوصية بالأجرة فظاهر ، وإلا تمم من باقي التركة ، وإن كان تطوعا ففيه ما ذكرناه آنفا ( قوله : قد يكون له في ذلك غرض ) أي بأن علم فيها ما لا يوافق غرض الوارث من منفعة تعود عليه ( قوله إلا أن يقول ) أي الموصي ، وقوله بأن يحج عنه : أي زيد مثلا ، وقوله فامتنع : أي زيد ، وقوله فإنه يستأجر : أي الوارث



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 57 ] قوله : ولم يرتب ) أي لم ينص على أنها تكون بعد موته مرتبة وسيأتي محترزه [ ص: 58 ] قوله : فلا اعتراض عليه ) أي بأن الحكم لا يتقيد بخصوص ما ذكره من كونه له عبدان فقط إلخ ( قوله : فتباع لغيره ) لعل المراد غيره المعين كعمرو مثلا ، وعبارة التحفة : إلا يقول ويتصدق بثمنه فتباع لغيره انتهت .

                                                                                                                            ولعل قوله ويتصدق بثمنه أسقطته الكتبة من الشارح




                                                                                                                            الخدمات العلمية