الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن عتقت الأمة وزوجها حر : فلا خيار لها في ظاهر المذهب ) وهو المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . قال الزركشي : وهو المذهب المنصوص ، والمختار بلا ريب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وصححه المجد ، والناظم ، وغيرهما . وقدمه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والهداية ، وغيرهم . [ ص: 177 ] وعنه : لها الخيار . وقدمه في المحرر . وهو ظاهر ما جزم به في المنور . وهما وجهان مطلقان في الخلاصة . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره : أن لها الخيار في الفسخ تحت حر . وإن كان زوج بريرة عبدا ; لأنها ملكت رقبتها . فلا يملك عليها إلا باختيارها . ويأتي قريبا " إذا عتق بعضها أو بعضه : هل يثبت لها الخيار أم لا ؟ " .

فائدة :

لو عتق العبد وتحته أمة : فلا خيار له ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وفي الانتصار : احتمال بأن له الخيار . وحكاه عن الإمام الشافعي رحمه الله . وفي الواضح : احتمال ينفسخ ، بناء على غناه عن أمة بحرة . وذكر غيره وجهين إن وجد طولا . وفي الواضح أيضا : احتمال يبطل . بناء على الرواية فيما إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة . فإنه يبطل . وتقدم ذلك في الكفاءة قبل قوله " والعرب بعضهم لبعض أكفاء " . فعلى المذهب : قال المصنف ، والشارح : لا خيار له ; لأن الكفاءة تعتبر فيه لا فيها . فلو تزوج امرأة مطلقا . فبانت أمة : فلا خيار له . ولو تزوجت رجلا مطلقا . فبان عبدا : فلها الخيار . فكذلك في الاستدامة . قال في الفروع : كذا قال . قوله ( وإن كان عبدا فلها الخيار ) . بلا نزاع في المذهب . وحكاه ابن المنذر ، وابن عبد البر ، وغيرهما : إجماعا . ( فلها الفسخ بغير حكم حاكم ) بلا نزاع . قوله ( وإن عتق قبل فسخها ، أو مكنته من وطئها : بطل [ ص: 178 ] خيارها . فإن ادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله أو الجهل بملك الفسخ : فالقول قولها ) . إذا عتق قبل فسخها : سقط خيارها . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقال الزركشي ، وقيل : إنه وقع للقاضي وابن عقيل ما يقتضي : أنه لا يسقط . ويأتي قريبا في كلام المصنف ( إذا عتقا معا ) . وأما إذا مكنته من وطئها مختارة ، وادعت الجهل بالعتق وهي ممن يجوز خفاء ذلك عليها ، مثل أن يعتقها وهو في بلد آخر ونحوه ، أو ادعت الجهل بملك الفسخ فقدم المصنف هنا قبول قولها ، ولكن مع يمينها . ولها الخيار . وهو إحدى الروايتين . وحكاه المصنف في المغني عن القاضي وأصحابه . وحكاه في الكافي عن القاضي ، وأبي الخطاب . وحكاه في الشرح عن القاضي . وهو قول في الرعاية . واختاره جماعة . وجزم به في مسبوك الذهب ، والمنور . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والحاوي الصغير . قال في الرعاية الصغرى : فلها الفسخ في الأصح . وقال الخرقي : يبطل خيارها ، علمت أو لم تعلم . وهو المذهب . نص عليه في رواية الجماعة فيهما .

قال الزركشي : هذا نص الروايتين ، واختيار الخرقي ، وابن أبي موسى ، والقاضي في المجرد ، والجامع . وقدمه في المغني ، والشرح . وينبني عليهما وطء الصغيرة المجنونة . على الصحيح من المذهب . وقيل : لا يسقط خيارها . على الروايتين . [ ص: 179 ] وقيل : إن ادعت جهلا بعتقه : فلها الفسخ . فإن ادعت جهلا بملك الفسخ : فليس لها الفسخ . وجزم به في الوجيز . وجزم به في المحرر ، في الأولى . وأطلق في الثانية الروايتين . وقال الزركشي : تقبل دعواها الجهل بالعتق فيما إذا وطئها ، والخيار بحاله . هذا المذهب المشهور لعامة الأصحاب . وعن القاضي في الجامع الكبير : يبطل خيارها . وقال في الرعاية الكبرى : فإن لم تختر ، حتى عتق ، أو وطئ طوعا ، مع علمها بالخيار : فلا خيار لها . كذا مع جهلها به . وقيل : لا يبطل . فإن لم تعلم هي عتقها حتى وطئها : فوجهان . فإن ادعت جهلا بعتقه ، أو بعتقها ، أو بطلب الفسخ ، ومثلها يجهله : فلها الفسخ إن حلفت . وعنه : لا فسخ . انتهى .

تنبيه :

قوله ( وإن ادعت الجهل بالعتق ، وهو مما يجوز جهله ) . هذا الصحيح . وقيل : ما لم يخالفها ظاهر . قلت : وهو الصواب . وأطلقهما في الفروع .

فوائد :

إحداها : حكم مباشرته لها حكم وطئها ، كذا تقبيلها . إذا مناطها ما يدل على الرضى . قاله الزركشي . وهو صحيح . الثانية : يجوز للزوج الإقدام على الوطء ، إذا كانت غير عالمة . قال المجد في شرحه : قياس مذهبنا جوازه . قال في القاعدة الرابعة والخمسين : وفيما قاله نظر . والأظهر : تخريجه على الخلاف . [ ص: 180 ] يعني الذي ذكره في أصل القاعدة . فإنه لا يجوز الإقدام عليه . الثالثة : لو بذل الزوج لها عوضا على أنها تختاره : جاز . نص عليه في رواية مهنا . ذكر أبو بكر في الشافي . قال ابن رجب رحمه الله : وهو راجع إلى صحة إسقاط الخيار بعوض . وصرح الأصحاب بجوازه في خيار البيع . الرابعة : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : لو شرط المعتق عليها دوام النكاح تحت حر أو عبد ، إذا أعتقها ، فرضيت : لزمها ذلك . قال : ويقتضيه مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، فإنه يجوز العتق بشرط . قال في القاعدة الرابعة والثلاثين : إذا عتقت الأمة المزوجة : لم تملك منفعة البضع ، إنما يثبت لها الخيار تحت العبد . قال : ومن قال بسراية العتق ، قال : قد ملكت بضعها . فلم يبق لأحد عليها ملك . فصار الخيار لها في المقام وعدمه ، حرا كان أو عبدا . قال : وعلى هذا لو استثنى منفعة بضعها للزوج : صح . ولم تملك الخيار ، حرا كان أو عبدا . ذكره الشيخ . قال : وهو مقتضى المذهب . انتهى . والظاهر : أنه أراد بالشيخ : الشيخ تقي الدين ، أو سقط ذكره في الكتابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية