الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وكل فرقة جاءت من قبلها كإسلامها وردتها وإرضاعها من ينفسخ به نكاحها ) ; وارتضاعها منه بنفسها ( وفسخها لعيبه وإعساره ، وفسخه لعيبها : يسقط به مهرها ومتعتها ) . أما إذا أسلمت ، أو ارتدت قبل الدخول : فتقدم ذلك أيضا في أول " باب نكاح الكفار " مستوفى ، فليعاود . وأما إذا جاءت الفرقة من قبلها برضاعها ، أو ارتضاعها ممن ينفسخ به نكاحها فيأتي ذلك أيضا في كتاب الرضاع . حيث قال " فإذا أرضعت امرأته الكبرى الصغرى ، فانفسخ نكاحهما . فعليه نصف مهر الصغرى ، يرجع به على الكبرى ، ولا مهر للكبرى " . [ ص: 280 ] وأما فسخها لعيبه ، وفسخه لعيبها : فإن ذلك يسقط مهرها بلا خلاف في المذهب ، إلا توجيه لصاحب الفروع . يأتي في الفائدة الآتية . قال المصنف ، والشارح : فإن قيل : فهلا جعلتم فسخها لعيبه كأنه منه ، لحصوله بتدليسه ؟ قلنا : العوض من الزوج في مقابلة منافعها . فإذا اختارت فسخ العقد ، مع سلامة ما عقد عليه وهو نفع بضعها رجع العوض إلى العاقد معها ، وليس من جهتها عوض في مقابلة منافع الزوج . وإنما يثبت لها لأجل ضرر يلحقها لا لتعذر ما استحقت عليه في مقابلته عوضا . فافترقا . وقال في القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة : هذا الفرق يرجع إلى أن الزوج غير معقود عليه في النكاح . وفيه خلاف . والأظهر في الفرق أن يقال : الفسوخ الشرعية التي يملكها كل من الزوجين على الآخر إنما شرعت لإزالة ضرر حاصل . فإذا وقعت قبل الدخول فقد رجع كل من الزوجين إلى ما بذله سليما كما خرج منه . فلا حق له في غيره ، بخلاف الطلاق ، وما في معناه كالخلع ونحوهما لا كالانفساخات القهرية بأسبابها كالرضاع ، واللعان ، والردة ، والإسلام ، والرق ، والحرية ، ونحوها بشروطها ، وكثبوت القرابة ونحوها من موجبات الفرقة بغير ضرر ظاهر . فإنه يحصل للمرأة به انكسار وضرر . فجبره الشارع بإعطائها نصف المهر ، وبالمتعة عند فقد التسمية . انتهى .

فائدة :

لو شرط عليه شرط صحيح حالة العقد ، فلم يف به . وفسخت : سقط به مهرها . على الصحيح من المذهب . قدمه في الرعاية ، والفروع . قال في القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة : وهو قول القاضي والأكثرين وعنه : يتنصف بفسخها قبل الدخول . اختاره أبو بكر في التنبيه . قال في الفروع : فتتوجه هذه الرواية في فسخها لعيبه . [ ص: 281 ] ولو فسخت بعد الدخول فلها المتعة إن لم يسم لها مهرا . وأما فسخها لإعساره بالمهر ، أو بالنفقة وغير ذلك : فهو من جهتها . فلا تستحق شيئا بلا نزاع أعلمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية