الدال عليهما ما قبلهما ( شرط موكل ووكيل ) لما مر أنها توكيل في الحفظ فلا يجوز ( وشرطهما ) أي المودع والوديع ولا كافر نحو مصحف ومرت شروطهما في الوكالة مع ما يستثنى منه لمعنى يأتي هنا فلا يرد عليه ، ويجوز إيداع محرم صيدا لكن بأجرة لامتناع تبرعه بمنافعه من غير إذن سيده ( ويشترط ) مراده بالشرط هنا ما لا بد منه ( صيغة المودع ) بلفظ أو إشارة أخرس مفهمة صريحة كانت ( كاستودعتك هذا أو استحفظتك أو أنبتك في حفظه ) أو أودعتكه أو استودعه أو استحفظه أو كناية كخذه مع النية والكتابة منها فلا يجب على حمامي حفظ نحو ثياب لم يستحفظها وإن اقتضت العادة حفظها خلافا إيداع مكاتب للقاضي ، فلو ضاعت لم يضمنها وإن فرط في حفظها ، بخلاف ما إذا استحفظه وقبل منه أو أعطاه أجرة لحفظها فيضمنها إن فرط ، كأن نام أو غاب أو نعس ولم يستحفظ من هو مثله كما لا يخفى وإن فسدت الإجارة ومثل ذلك الدواب في الخان فلا يضمنها الخاني إلا إن قبل الاستحفاظ أو الأجرة ، وليس من التفريط فيهما .
[ ص: 113 ] ما لو كان يلاحظ على العادة فتغفله سارق أو خرجت الدابة في بعض غفلاته لعدم تقصيره في الحفظ المعتاد ، وظاهر أنه يقبل قوله فيه بيمينه ; لأن الأصل عدم التقصير ( والأصح أنه لا يشترط القبول ) لصيغة العقد أو الأمر ( لفظا ويكفي ) مع عدم اللفظ ( القبض ) أي المار في البيع لا غيره كما هو ظاهر ولا تعتبر فيه الفورية كما في الوكالة فالشرط عدم الرد وقضية كلامه عدم اشتراط فعل مع القبول ، فلو كان إيداعا وهو كذلك كما قاله قال هذا وديعة أو احفظه فقال قبلت أو ضعه فوضعه البغوي سواء المسجد وغيره ; لأن اللفظ أقوى من مجرد الفعل ، وقد رجح ذلك الرافعي في الشرح الصغير ، واعتمده الأذرعي وجزم به في الأنوار والثاني يشترط القبول لفظا .
والثالث يفرق بين صيغة الأمر كما في الوكالة ، ولو وجد لفظ من الوديع وإعطاء من المودع كان إيداعا أيضا فيما يظهر وفاقا للأذرعي والزركشي ، فالشرط لفظ أحدهما وفعل الآخر لحصول المقصود به ، ; لأن الأصح أن الإيداع عقد لا مجرد إذن في الحفظ : أي وكانت حال العقد حاملا ، ويفرق بينه وبين ولد المرهونة والمؤجرة بأن تعلق الرهن أو الإجارة به فيه إلحاق ضرر بالمالك لم يرض به بخلاف ما هنا ; لأن حفظه منفعة له فهو راض به قطعا ، ولو ويدخل ولد الوديعة تبعا لها فوديعة أبدا ، أو خذه يوما وديعة ويوما عارية فوديعة في اليوم الأول وعارية في اليوم الثاني ، ولم يعد بعد يوم العارية وديعة ولا عارية بل تصير يده يد ضمان . قال له خذ هذا يوما وديعة ويوما غير وديعة
قال الزركشي : فلو عكس الأولى فالقياس أنها أمانة ; لأنه أخذها . فقال خذه يوما غير وديعة ويوما وديعة
[ ص: 114 ] بإذن المالك وليست عقد وديعة ، وإن عكس الثانية فالقياس أنها في اليوم الأول عارية وفي الثاني أمانة ، ويشبه أنها لا تكون وديعة .