الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                25 ص: وكما حدثنا الحسن بن نصر ، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أبنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر أبي الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنه سئل عن الحياض التي بالبادية تصيب منها السباع، قال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه طريقة أخرى وهي صحيحة أيضا، وإسنادها بعينه إسناد ابن ماجه الذي ذكرناه; لأنه أخرجه عن أبي بكر بن خلاد ، عن يزيد بن هارون ... إلى آخره، غير أن لفظهما مختلف كما ترى.

                                                قوله: "بالبادية" أي في البادية على وزن فاعلة، من بدا إذا ظهر، يقال: بدا القوم بدوا أي خرجوا إلى باديتهم، والبدوي نسبة إلى البدو، والبدو البادية.

                                                وقد استدل به بعضهم على نجاسة سؤار السباع ؛ لقوله: "تصيب منها السباع" وأجاب عنه من لا يرى بنجاسة سؤرها بأنها إذا وردت مياه الغدران خاضتها، وإذا خاضت بالت في الأكثر عادة، مع أن قوائمها لا تخلو من النجاسة غالبا، فكان [ ص: 121 ] سؤالهم عن ذلك، وكان الجواب عنه - عليه السلام - عن ذلك تقرير قاعدة عامة في الماء إذا بلغ قلتين لا ينجس بوقوع النجاسة فيه، ومياه الغدران بالفلوات لا تنقص عن قلتين غالبا.

                                                قلت: فيه نظر; لأنا لا نسلم أنها تخوض في الماء عند الورود إليه، ولئن سلمنا ذلك فلا نسلم أنها تبول، ولئن سلمنا أنها تبول فلا نسلم أن يكون تنجيس بولها الماء منافيا عن تنجيسه بسؤرها، فلم لا يجوز أن يكون تنجيسه بهما جميعا عند اجتماعهما وكل واحد منهما عند الإفراد؟!

                                                وقوله: "مع أن قوائمها لا تخلو من النجاسة" معارض بأن أفواهها لا تخلو عن النجاسة بل كون نجاسة فمها أقرب وأكثر من كون قوائمها نجسة; لأنها تأكل الجيف والعذرة ونحوهما، فهذا ما فتح لي من الأنوار الربانية والأسرار الرحمانية ولله الحمد.




                                                الخدمات العلمية