الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                246 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن غسل المذاكير واجب [ على الرجل] إذا أمذى، وإذا بال، واحتجوا في ذلك بهذا الأثر.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء: الزهري وبعض المالكية والحنابلة ; فإنهم أوجبوا غسل المذاكير إذا أمذى وإذا بال ، وقد اختلف أصحاب مالك ، منهم من أوجب غسل الذكر كله لظاهر الخبر، ومنهم من أوجب غسل مخرج المذي وحده.

                                                وعن الزهري : لا تغسل الأنثيين من المذي إلا أن يكون أصابهما شيء.

                                                وقال الأثرم : وعلى هذا مذهب أبي عبد الله ، سمعته لا يرى في المذي إلا الوضوء، ولا يرى فيه الغسل ، وهذا قول أكثر أهل العلم.

                                                [ ص: 421 ] وفي "المغني" لابن قدامة : المذي ينقض الوضوء، وهو ما يخرج لزجا متسبسبا عند الشهوة، فيكون على رأس الذكر، واختلفت الرواية في حكمه، فروي أنه لا يوجب [إلا] الاستنجاء والوضوء، والرواية الثانية: يجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء. انتهى.

                                                وقال ابن حزم في "المحلى": المذي تطهيره بالماء; يغسل مخرجه من الذكر وينضح بالماء ما مس من الثوب.

                                                وقال مالك : يغسل الذكر كله.

                                                وقال القاضي عياض في "شرح مسلم ": اختلف أصحابنا في المذي هل يجزئ منه الاستجمار كالبول، أو لا بد من الماء؟ واختلف القائلون بغسل الذكر من المذي هل يجزئ أن يغسل منه ما يغسل من البول أو لا بد من غسل جميعه؟ واختلفوا أيضا هل يفتقر إلى نية في غسل ذكره أم لا؟

                                                وقال أبو عمر : المذي عند جميعهم يوجب الوضوء ما لم يكن خارجا عن علة أبردة وزمانة، فإن كان كذلك فهو أيضا كالبول عند جميعهم، فإن كان سلسا لا ينقطع فحكمه حكم سلس البول عند جميعهم أيضا، إلا أن طائفة توجب الوضوء على من كانت هذه حاله لكل صلاة; قياسا على المستحاضة عندهم، وطائفة تستحبه ولا توجبه. وأما المذي المعهود المتعارف، وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله; لما يجري من اللذة أو لطول عزبة، فعلى هذا المعنى خرج السؤال في حديث علي - رضي الله عنه - وعليه يقع الجواب، وهو موضع إجماع، لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه، وإيجاب غسله لنجاسته.




                                                الخدمات العلمية