الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وإن شهد أحدهما ) أي العدلين على زيد ( بغصب ثوب أحمر و ) شهد ( الآخر بغصب ) ثوب ( أبيض أو ) شهد ( أحدهما أنه غصبه ) الثوب ( اليوم و ) شهد ( الآخر أنه ) غصبه ( أمس لم تكمل ) البينة ; لأن اختلاف الشاهدين فيما ذكر يدل على تغاير الفعلين ; لأن ما شهد به أحدهما غير ما شهد به الآخر ، ( ولهذا كل شهادة على فعل متحد في نفسه كقتل زيد ) ، إذ لا يكون إلا مرة واحدة ( أو ) على فعل متحد ( باتفاقهما ) أي : المشهود له والمشهود عليه كالغصب إذا اتفقا على أنه واحد ، و ( كسرقة ) ونحوها ( إذا اختلفا ) أي الشاهدان ( في وقته ) أي الفعل ( أو مكانه أو صفة متعلقة به ) أي المشهود [ ص: 584 ] به ( كلونه وآلة قتل ) ونحوه ( مما يدل على تغاير الفعلين ) فلا تكمل البينة للتنافي ، وكل من الشاهدين يكذب الآخر فيتعارضان ويسقطان ، ( وإن أمكن تعدده ) أي الفعل ، ( ولم يشهد بأنه ) أي الفعل ( متحد ) ، ولم يقل المشهود له إن الفعل واحد ( فبكل شيء شاهد فيعمل بمقتضى ذلك ) ، فإن ادعى الفعلين وأقام أيضا بكل منهما شاهدا وحلف مع كل من الشاهدين يمينا ثبتا ، ( ولا تنافي ) بين شهادة الشاهدين بذلك ; لتغاير المشهود عليه .

                                                                          ( ولو كان بدله ) أي كل شاهد منهما ( بينة ثبتا ) أي الفعلان ( هنا ) أي : فيما إذا كان الفعل غير متحد لا في نفسه ولا باتفاقهما ، لتمام نصاب كل منهما وعدم التنافي ( إن ادعاهما ) أي ادعى المشهود له الفعلين ، ( وإلا ) بأن ادعى أحدهما فقط ثبت ( ما ادعاه ) دون الآخر ، ( وتساقطتا في الأولى ) أي : مسألة اتحاد الفعل في نفسه أو باتفاقهما ، ( وكفعل من قول نكاح وقذف فقط ) أي : دون غيرهما من الأقوال ، فإذا شهد واحد أنه تزوجها أو قذفه أمس وشهد الآخر أنه اليوم لم تكمل البينة ; لأن النكاح والقذف الواقعين أمس غير الواقعين اليوم ، فلم يبق بكل نكاح أو قذف إلا شاهد ، فلم تكمل البينة ; ولأن شرط النكاح حضور الشاهدين ، فإذا اختلفا في الشرط لم يتحقق حصوله ، وكذا لو شهد أحدهما أنه قذف غدوة أو خارج البلد أو بالعجمية وشهد الآخر بخلافه فلا حد ; لأنه شبهة ، والحدود تدرأ بالشبهات ، ( ولو كانت الشهادة على إقرار بفعل ) كغصب وقتل وسرقة ( أو غيره ) كإقرار ببيع أو إجارة ، ( ولو ) كان المقر به ( نكاحا أو قذفا ) كأن شهد أحدهما أنه أقر يوم الخميس أو بدمشق أنه غصبه أو قذفه أو باعه كذا ، وشهد الآخر أنه أقر به يوم الجمعة أو بمصر ونحوه جمعت وعمل بمقتضاها ; لأن المقر به واحد . وفارق الشهادة على الفعل ، فإنها على فعلين مختلفين

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية