الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فوائد جمة : منها : ما ذكره المصنف هنا ، وهو ما إذا مضى حولان على النصاب لم تؤد زكاتهما . فعليه زكاة واحدة ، إن قلنا : تجب في العين ، وزكاتان إن قلنا : تجب في الذمة . هكذا أطلق الإمام أحمد : أن عليه زكاتين ، إذا قلنا : تجب في الذمة وتبعه جماعة من الأصحاب . منهم المصنف هنا ، فأطلقوا ، حتى قال ابن عقيل ، وصاحب التلخيص ، ولو قلنا : إن الدين يمنع وجوب الزكاة لم تسقط هنا ; لأن الشيء لا يسقط نفسه وقد يسقط غيره ، وقدمه في الفروع . وقال صاحب المستوعب ، والمحرر ، ومن تابعهما : إن قلنا تجب في الذمة زكى لكل حول ، إلا إذا قلنا دين الله يمنع ، فيزكي عن حول واحد ، ولا زكاة للحول الثاني لأجل الدين ، لا للتعليق بالعين ، وجزم به في القواعد الفقهية . قال الزركشي : هذا قول الأكثر وزاد في المستوعب : متى قلنا يمنع الدين ، فلا زكاة للعام الثاني ، تعلقت بالعين أو الذمة ، وقال : حيث لم يوجب أحمد زكاة العام الثاني ، فإنه بنى على رواية منع الدين ; لأن زكاة العام الأول صارت دينا على رب المال ، والعكس بالعكس ، وجعل من فوائد الروايتين : إخراج الراهن الموسر من الرهن بلا إذن إن عتقت بالعين .

واختار سقوطها بالتلف وتقديمها على الدين ، قاله في الفروع ، وقال غيره خلافه ، ويأتي أيضا . وقال في القواعد : قال في المستوعب : تتكرر زكاته لكل حول على القولين ، وتأول كلام أحمد بتأويل فاسد . [ ص: 37 ]

تنبيه : محل هذه الفائدة : في غير ما زكاته الغنم من الإبل ، كما قال المصنف . فأما ما زكاته الغنم من الإبل : فإن عليه لكل حول زكاة ، على كلا الروايتين على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم ، ونص عليه ، قال في الفروع : أما لو كان الواجب غير الجنس ، بل الإبل المزكاة بالغنم فنص أحمد : أن الواجب فيه في الذمة ، وإن كانت الزكاة فيه تتكرر ، وفرق بينه وبين الواجب من الجنس ، وقال في الرعاية : والشياه عن الإبل تتعلق بالذمة فتتعدد وتتكرر . قلت : هذا إن قلنا لا تسقط بدين الله . انتهى .

وقال أبو الفرج الشيرازي ، في المبهج : حكمه حكم ما لو كان الواجب من جنس المخرج عنه ، قال في الفروع : وظاهر كلام أبي الخطاب واختاره صاحب المستوعب والمحرر أنه كالواجب من الجنس ، على ما سبق من العين والذمة ; لأن تعلق الزكاة كتعلق الأرش بالجاني ، والدين بالرهن ، فلا فرق إذن ، فعلى المذهب : لو لم يكن سوى خمس من الإبل ، ففي امتناع زكاة الحول الثاني لكونها دينا الخلاف ، وقال القاضي في الخلاف ، في هذه المسألة : لا يلزمه ، وعلى المذهب أيضا : في خمس وعشرين بعيرا في ثلاثة أحوال . الأول : حول بنت مخاض ، ثم ثمان شياه ; لكل حول أربع شياه ، وعلى كلام أبي الخطاب : أنها تجب في العين مطلقا كذلك لأول حول ، ثم للثاني ، ثم إن نقص النصاب بذلك عن عشرين بعيرا إذا قومناه ، فللثالث ثلاث شياه والأربع .

التالي السابق


الخدمات العلمية