الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثانية : تباح الكمأة والفقع والتمرة كالإذخر . قوله ( وما زرعه الآدمي ) . ما زرعه الآدمي من البقول ، والزرع ، والرياحين لا يحرم أخذه ، ولا جزاء فيه . بلا نزاع ، ولا جزاء أيضا : فيما زرعه الآدمي من الشجر على الصحيح من المذهب . نقل المروذي ، وابن إبراهيم ، وأبو طالب وقد سئل عن الريحان والبقول في الحرم ؟ فقال : ما زرعته أنت فلا بأس ، وما نبت فلا . قال القاضي وغيره : ظاهره أن له أخذ جميع ما زرعه ، وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف ; لأنه أنبته كالزرع ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب والخلاصة ، والهادي ، والتلخيص ، والمحرر ، والوجيز ، والحاوي ، وتجريد العناية وغيرهم . وقدمه في الفروع ، والفائق ، والرعاية ، وغيرهم وجزم ابن البنا في خصاله بالجزاء في الشجر ; للنهي عن قطع شجرها . سواء أنبته الآدمي ، أو نبت بنفسه ، ونسبه ابن منجى في شرحه إلى قول القاضي ، وأطلقهما الزركشي ، ونقل عن القاضي أنه قال : ما أنبته في الحرم أولا : ففيه الجزاء ، وإن أنبته في الحل . ثم غرسه في الحرم : فلا جزاء فيه ، واختار المصنف في المغني : إن كان ما أنبته الآدمي من جنس شجرهم كالجوز ، واللوز ، والنخل ، ونحوها لم يحرم قياسا على ما أنبتوه من الزرع ، والأهلي من الحيوان . [ ص: 554 ] تنبيه : يحتمل قول المصنف " وما زرعه الآدمي " اختصاصه بالزرع دون الشجر فيكون مفهوم كلامه : تحريم قطع الشجر الذي أنبته ، وعليه الجزاء . كما جزم به ابن البنا . قال ابن منجى في شرحه : وهو ظاهر كلام المصنف ; لأن المفهوم من إطلاق الزرع ذلك . انتهى ; ويحتمل أن يكون على إطلاقه ، فيعم الشجر ، كما هو المذهب . قلت : وهو أقرب ; لأن الأصل العمل بالعموم . حتى يقوم دليل على التخصيص . لا سيما إذا وافق الصحيح ; ولأن " ما " من ألفاظ العموم ولكن فيه تجوز ، ويحتمل أن يريد ما ينبت الآدميون جنسه . كما اختاره المصنف في المغني ، وذكر هذه الاحتمالات الشارح في كلام المصنف .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يباح إلا ما استثنياه ، فلا يباح قطع الشوك والعوسج وما فيه مضرة ، وهو أحد الوجهين ، اختاره المصنف ، والشارح ، وغيرهما . قال في المحرر " وشجر الحرم ونباته محرم ، إلا اليابس ، والإذخر ، وما زرعه الإنسان ، أو غرسه " فظاهره : عدم الجواز . قلت : ثبت في الصحيحين { لا يعضد شوكه } ، وقدمه ابن رزين في شرحه ، واختار أكثر الأصحاب : جواز قطع ذلك . منهم القاضي وأصحابه ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، والرعاية الصغرى ، والحاويين وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ; لأنه يؤذي بطبعه . أشبه السباع . قال الزركشي : عليه جمهور الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية