الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان من ذكر وأنثى وصغير وكبير وعاقل ومجنون ) لأنه نكرة في سياق النفي فتعم فقد فعل المحلوف عليه ( ولا يكلم زيدا ولا يسلم عليه فإن زجره فقال ) له ( تنح أو اسكت حنث ) لأن ذلك كلام فيدخل فيما حلف على عدمه .

                                                                                                                      قال في المبدع : وقياس المذهب لا ( إلا أن يكون ) الحالف ( نوى كلاما غير هذا ) فلا يحنث به ( وإن صلى ) الحالف ( بالمحلوف عليه إماما ثم سلم ) الحالف ( من الصلاة لم يحنث ) لأن السلام وكل مشروع في الصلاة لا يحنث به كالتكبيرات ( وإن ارتج عليه ) أي على المحلوف عليه ( في الصلاة [ ص: 260 ] ففتح عليه الحالف لم يحنث ) لأنه كلام الله وليس بكلام الآدميين ( ولو كاتبه ) الحالف ( أو أرسل إليه رسولا حنث ) لقوله تعالى { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا } وقول عائشة { ما بين دفتي المصحف كلام الله } ولأن ذلك وضع لإفهام الآدميين أشبه الخطاب .

                                                                                                                      قال في الشرح والمبدع : والصحيح أن هذا ليس بتكليم لكن إن نوى ترك مراسلته أو سبب يمينه يقتضي هجرانه فإنه يحنث ( إلا أن يكون ) الحالف ( أراد أن لا يشافهه ) فلا يحنث بالمكاتبة ولا بالمراسلة وإن أرسل من يسأل أهل العلم عن مسألة لم يحنث بسؤال الرسول المحلوف عليه كما تقدم في الطلاق لأنه لم يراسله ( وإن أشار إليه حنث قاله القاضي ) لأن الإشارة في معنى المكاتبة والمراسلة في الإفهام .

                                                                                                                      وقال أبو الخطاب لا يحنث ، لأنه ليس بكلام قال الله تعالى لمريم عليها السلام { فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا } - إلى قوله - { فأشارت إليه } .

                                                                                                                      وأما قوله تعالى { آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا } فهو استثناء منقطع وقول أبي الخطاب هو مقتضى ما تقدم في الطلاق أنه لا يحنث بها ( وإن ناداه ) الحالف ( بحيث ) إن المحلوف عليه ( يسمع فلم يسمع لتشاغله أو غفلة ) حنث لأنه كلمه ( أو سلم ) الحالف ( عليه ) أي على من حلف لا يكلمه ( حنث ) لأن السلام كلام تبطل به الصلاة فحنث به كغيره .

                                                                                                                      وفي الرعاية إن سلم عليه ولم يعرفه فوجهان ( وإن سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم ) به ( فكناس ) فيحنث في طلاق وعتق ( وإن علم به ولم ينوه ) الحالف بالسلام ( ولم يستثنه ) الحالف ( بقلبه ولا بلسان كأن يقول السلام عليكم إلا فلانا حنث ) لأنه كلمه لدخوله في التسليم عليهم والسلام كلام لما سبق وفلان مرسوم في النسخ بلا ألف فيخرج على لغة ربيعة لأنه صواب لا غير .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية