الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ومن شروط صحتها ) أي ولاية القضاء ( معرفة المولي ) بكسر اللام ( كون المولى ) بفتحها ( على صفة تصلح للقضاء ) لأن مقصود القضاء لا يصلح إلا بذلك ولأن الأصل العدم فلا تجوز توليته مع عدم العلم بأهليته ، كما لا تجوز توليته مع عدم العلم بصلاحيته ( و ) من شرط صحتها ( تعيين ما يوليه المحكم فيه من الأعمال ) كمصر ونواحيها ( والبلدان ) كالمحلة ونحوها ليعلم محل ولايته فيحكم فيه ولا يحكم في غيره ، ولأنه عقد ولاية يشترط فيه الإيجاب والقبول ، فلا بد من معرفة المعقود عليه كالوكالة .

                                                                                                                      ( و ) من شرط صحتها ( مشافهته بالولاية في المجلس ) إن كان حاضرا ( ومكاتبته بها ) إن كان غائبا لأن التولية تحصل بذلك كالتوكيل وحينئذ يكتب له عهدا بما ولاه ، { لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن } ، وكتب عمر إلى أهل الكوفة " أما بعد فإني قد بعثت لكم عمارا أميرا ، وعبد الله قاضيا " ( في البعد ) أي مكاتبته بها في البعد ( وإشهاد عدلين على توليته فيقرأ ) الإمام ( أو نائبه عليهما العهد أو يقرؤه غيره بحضرته ليمضيا معه إلى بلد توليته فيقيما له الشهادة ويقول ) الإمام أو نائبه ( لهما اشهدا [ ص: 289 ] علي أني قد وليته قضاء البلد الفلاني وتقدمت عليه بما يشتمل هذا العهد عليه ) أي إذا كان البلد الذي ولاه فيه بعيدا لا يستفيض إليه الخبر بما يكون في بلد الإمام ( ولا تصح الولاية بمجرد الكتابة من غير إشهاد ) عدلين عليها لأن العلم لا يصح إلا بذلك .

                                                                                                                      ( وإن كان البلد ) الذي ولاه فيه ( قريبا من بلد الإمام ليستفيض إليه ما يجري في بلد الإمام نحو : أن يكون بينهما خمسة أيام فما دونها جاز أن يكتفي بالاستفاضة دون الشهادة كالكتابة والإشهاد ) أي كما يكتفي بالاستفاضة عن الكتابة وعن الإشهاد لأن العلم بالولاية يحصل بذلك وأطلق الأزجي واستفاضة وظاهره مع البعد قال في الفروع : وهو متجه ( ولا تشترط عدالة المولي بكسر اللام ولو كان نائب الإمام ) لأن ولاية الإمام الكبرى تصح من كل بر وفاجر ، فتصح ولايته كالعدل ، ولأنها لو اعتبرت في المولي أفضى إلى تعذرها بالكلية فيما إذا كان غير عدل ( وألفاظ التولية الصحيحة سبعة : وليتك الحكم وقلدتك ) الحكم ( واستنبتك ) في الحكم ( واستخلفتك ) في الحكم ( ورددت إليك ) الحكم ( وفوضت إليك ) الحكم ( وجعلت إليك الحكم ، فإذا وجد أحدها ) أي هذه الألفاظ السبعة .

                                                                                                                      ( وقبل المولى الحاضر في المجلس أو ) قبل ( الغائب بعده ) أي بعد المجلس ( أو شرع الغائب في العمل انعقدت ) الولاية لأن هذه الألفاظ تدل على ولاية القضاء دلالة لا تفتقر معها إلى شيء آخر قال في المبدع : ويصح القبول بالشروع في العمل في الأصح انتهى ، وظاهره : أنه لا فرق بين الحاضر والغائب وهو واضح ( والكناية نحو : اعتمدت عليك وعولت عليك ووكلت إليك وأسندت الحكم إليك فلا تنعقد ) الولاية بكناية منها ( حتى تقترن بها قرينة نحو : فاحكم أو فتول ما عولت فيه عليك وما أشبهه ) لأن هذه الألفاظ تحتمل التولية وغيرها من كونه يأخذ برأيه أو غير ذلك ، فلا تنصرف إلى التولية إلا بقرينة تنفي الاحتمال .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية