الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  876 [ ص: 217 ] 41 - حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : أخبرني يحيى بن سعيد قال : أخبرني ابن أنس أنه سمع جابر بن عبد الله قال : كان جذع يقوم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار ، حتى نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تفهم من قوله : " حتى نزل النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - " لأن نزوله كان بعد صعوده إلى المنبر .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله : وهم خمسة : الأول : سعيد بن أبي مريم ، وقد تكرر ذكره ، الثاني : محمد بن جعفر بن أبي كثير - ضد قليل - الأنصاري ، الثالث : يحيى بن سعيد الأنصاري ، الرابع : ابن أنس هو حفص بن عبيد الله بن أنس ، وقد بينه باسمه في الرواية المعلقة التي تأتي عن قريب .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : هو مجهول فصار الإسناد به من باب الرواية عن المجاهيل ، ثم أجاب عنه بأن يحيى لما كان لا يروي إلا عن العدل الضابط فلا بأس به ، أو لما علم من الطريق الذي بعده أنه حفص بن عبيد الله بن أنس فاكتفى به .

                                                                                                                                                                                  وقال أبو مسعود الدمشقي في ( الأطراف ) : إنما أبهم البخاري حفصا ; لأن محمد بن جعفر بن أبي كثير يقول : عبيد الله بن حفص فيقبله ، وكذا رواه أبو نعيم في ( المستخرج من طريق محمد بن مسكين عن ابن أبي مريم شيخ البخاري فيه ، وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عن يحيى بن سعيد ، ولكن أخرجه من طريق أبي الأحوص محمد بن الهيثم عن ابن أبي مريم ، فقال : عن حفص بن عبيد الله على الصواب ، وقال : الصواب فيه حفص بن عبيد الله .

                                                                                                                                                                                  وقال البخاري في تاريخه : قال بعضهم : عبد الله بن حفص ، ولا يصح ، وفي نسخة أبي ذر : حفص بن عبد الله بتكبير العبد ، وصوابه عبيد الله بالتصغير ، وحفص هذا روى له البخاري ومسلم روى عن جده ، وجابر بن عبد الله ، وابن عمر ، وأبي هريرة .

                                                                                                                                                                                  وقال أبو حاتم : لا يثبت له السماع إلا من جده ، وفي البخاري في علامات النبوة عن جابر مصرحا به ، الخامس : جابر بن عبد الله الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد في موضعين ، وفيه السماع ، وفيه القول في أربعة مواضع ، وفيه رواية عن مجهول صورة ، وبينا وجهه ، وفيه ليس لابن أنس عن جابر في البخاري إلا هذا الحديث ، قاله الحميدي في جمعه ، وفيه إطلاق الابن على ابن ابنه مجازا ، وفيه أن شيخ البخاري مصري ، والاثنان مدنيان ، والرابع بصري .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه ، قوله : “ جذع " بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة ، قال الجوهري : واحد جذوع النخل ، قوله : “ يقوم عليه " ويروى " يقوم إليه " ، قوله : “ مثل أصوات العشار " بكسر العين المهملة بعدها شين معجمة ، قال الجوهري : العشار جمع عشراء بالضم ، ثم الفتح ، وهي الناقة الحامل التي مضت لها عشرة أشهر ، ولا يزال ذلك اسمها إلى أن تلد ، وفي ( المطالع ) : العشار النوق الحوامل ، قال الداودي : هي التي معها أولادها .

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي : هي التي قاربت الولادة يقال : ناقة عشراء ونوق عشار على غير قياس ، ونقل ابن التين أنه ليس في الكلام فعلاء على فعال غير نفساء وعشراء ويجمع على عشراوات ، ونفساوات ، ومثل صوت الجذع بأصوات العشار عند فراق أولادها ، وفيه علم عظيم من أعلام نبوته - صلى الله تعالى عليه وسلم - ، ودليل على صحة رسالته ، وهو حنين الجماد ، وذلك أن الله تعالى جعل للجذع حياة حن بها ، وهذا من باب الإفضال من الرب جل جلاله الذي يحيي الموتى بقوله : كن فيكون وفيه الرد على القدرية ; لأن الصياح ضرب من الكلام ، وهم لا يجوزون الكلام إلا ممن له فم ولسان .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية