الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  770 ( وقال نافع : كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الأثر للترجمة من حيث اشتمالها عليه ; لأنها في الهوي بالتكبير إلى السجود ، فالهوي فعل ، والتكبير قول ، فكما أن حديث أبي هريرة المذكور في هذا الباب يدل على القول يدل أثر ابن عمر على الفعل ; لأن للهوي إلى السجود صفتين ; صفة قولية وصفة فعلية ، فأثر ابن عمر إشارة إلى الصفة الفعلية ، وأثر أبي هريرة إلى الفعلية والقولية جميعا ، فهذا هو السر في هذا الموضع . وقول بعضهم : إن أثر ابن عمر من جملة الترجمة ، فهو مترجم به لا مترجم له - غير موجه ، بل ولا يصح ذلك ; لأنه إذا كان من جملة الترجمة يحتاج إلى شيء يذكره يكون مطابقا لها ، وليس ذلك بموجود ، ثم إن هذا الأثر المعلق أخرجه ابن خزيمة والحاكم والدارقطني والبيهقي والطحاوي من طريق عبد العزيز الدراوردي ، فقال الطحاوي : حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال : حدثنا أصبغ بن الفرج قال : حدثنا الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه إذا كان سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه ، وكان يقول : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك ، ثم قال البيهقي : رواه ابن وهب وأصبغ بن الفرج عن عبد العزيز . ولا أراه إلا وهما ، فالمشهور عن ابن عمر ما رواه حماد بن زيد وابن علية ، عن أيوب ، عن نافع عنه قال : " إذا سجد أحدكم فليضع يديه ، فإذا رفع فليرفعهما ، فإن اليدين يسجدان ، كما يسجد الوجه " . قلت : الذي أخرجه الطحاوي أخرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) والحاكم في ( مستدركه ) وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه . والحديث الذي علله به فيه نظر ; لأن كلا منهما منفصل عن الآخر .

                                                                                                                                                                                  وقال الحازمي : اختلف أهل العلم في هذا الباب ; فذهب بعضهم إلى أن وضع اليدين قبل الركبتين أولى . وبه قال مالك والأوزاعي والحسن ، وفي ( المغني ) وهي رواية عن أحمد . وبه قال ابن حزم .

                                                                                                                                                                                  وخالفهم في ذلك آخرون ، ورأوا وضع الركبتين قبل اليدين أولى ، منهم عمر بن الخطاب والنخعي ومسلم بن يسار وسفيان بن سعيد والشافعي وأحمد وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأهل الكوفة ، وفي ( المصنف ) زاد : أبا قلابة ومحمد بن سيرين ، وقال أبو إسحاق : كان أصحاب عبد الله إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم قبل أيديهم . وحكاه البيهقي أيضا عن ابن مسعود ، وحكاه القاضي أبو الطيب عن عامة الفقهاء ، وحكاه ابن بطال عن ابن وهب ، قال : وهي رواية ابن شعبان ، عن مالك ، وقال قتادة : يضع أهون ذلك عليه ، وفي [ ص: 79 ] الأسبيجاني عن أبي حنيفة : من آداب الصلاة وضع الركبتين قبل اليدين ، واليدين قبل الجبهة ، والجبهة قبل الأنف ، ففي الوضع يقدم الأقرب إلى الأرض ، وفي الرفع يقدم الأقرب إلى السماء ; الوجه ، ثم اليدان ، ثم الركبتان ، وإن كان لابس خف يضع يديه أولا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية