الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  756 177 - حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ، ثم يكبر حين يركع ، ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ، ثم يقول وهو قائم ربنا لك الحمد ، قال عبد الله : ولك الحمد ، ثم يكبر [ ص: 62 ] حين يهوي ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " ثم يكبر حين يرفع رأسه " .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله : وهم ستة ; الأول : يحيى بن بكير بضم الباء الموحدة هو يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكريا المخزومي البصري ، الثاني : الليث بن سعد ، الثالث : عقيل بضم العين ابن خالد الأيلي ، الرابع : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، الخامس : أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي المدني ، أحد الفقهاء السبعة ، قيل اسمه محمد وقيل اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن ، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد ، السادس : أبو هريرة رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد من الماضي في موضع واحد ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه السماع ، وفيه القول في ثلاثة مواضع ، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي . قوله : " أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن " كذا قال عقيل ، وتابعه ابن جريج ، عن ابن شهاب عند مسلم ، وقال مالك : عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وكذا أخرجه مسلم والنسائي مطولا من رواية يونس ، عن ابن شهاب ، وتابعه معمر ، عن ابن شهاب عند السراج ، وليس هذا الاختلاف قادحا ، بل الحديث عند ابن شهاب عنهما معا كما سيأتي في باب يهوي بالتكبير من رواية شعيب عنه عنهما جميعا ، عن أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                  ذكر من أخرجه غيره : أخرجه مسلم أيضا في الصلاة ، عن محمد بن رافع ، عن حجين بن المثنى ، عن الليث به ، وعن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن الزهري به ، وأخرجه أبو داود فيه ، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، عن يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج به ، وأخرجه النسائي فيه ، عن محمد بن رافع ، عن حجين بن المثنى به .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه . قوله : " وهو قائم " جملة حالية . قوله : " قال عبد الله بن صالح " يعني عبد الله بن صالح كاتب الليث ، زاد في روايته ، عن الليث الواو في قوله : " ولك الحمد " وأما باقي الحديث فاتفقا فيه ، فإن قلت : لم لم يسقه عنهما معا مع أنهما شيخاه ، قلت : لأن يحيى من شرطه في الأصول ، وابن صالح إنما يورده في المتابعات . قوله : " حين يهوي " يقال هوى بالفتح يهوي أي سقط إلى أسفل . قوله : " بعد الجلوس " أي للتشهد .

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستفاد منه : فيه أنه يكبر بعد أن يقوم ، وفيه أنه يكبر حين يركع ، وفيه حجة لمن قال يجمع الإمام بين التسميع والتحميد ، وهو مذهب الشافعي أيضا ، وعند أبي يوسف ومحمد : يقول الإمام ربنا لك الحمد في نفسه ، وبه قال الثوري والأوزاعي وأحمد في رواية ، وعند أبي حنيفة : لا يقول الإمام ربنا لك الحمد ، وبه قال مالك وأحمد في رواية ، وحكاه ابن المنذر ، عن ابن مسعود وأبي هريرة ، والشعبي قال : وبه أقول ، واحتجوا بما رواه البخاري ومسلم من حديث أنس وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا لك الحمد " هذه قسمة وهي تنافي الشركة ، وأجابوا عن حديث الباب أنه محمول على انفراد النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النفل توفيقا بين الحديثين ، والمنفرد يجمع بينهما في الأصح ، وفيه الوجهان في التحميد ، ففي بعض الروايات يقول : ربنا لك الحمد ، وفي بعضها : ولك الحمد ، وفي بعضها : اللهم ربنا لك الحمد ، والكل في الصحيح ، وقال الأصمعي : سألت أبا عمرو ، عن الواو في قوله : " ربنا ولك الحمد " فقال : هذه زائدة ، تقول العرب بعني هذا الثوب ، فيقول المخاطب : نعم وهو لك بدرهم ، فالواو زائدة ، وقيل : عاطفة على محذوف ، أي ربنا حمدناك ولك الحمد ، وقيل للحال ، وفيه نظر ، وفيه أن التحميد يترتب على التسميع لأن التحميد ذكر الاعتدال والتسميع ذكر النهوض ، وهذا الحديث في الحقيقة يفسر الأحاديث التي فيها التكبير في كل خفض ورفع التي تقدمت عن قريب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية