الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  753 174 - حدثنا أبو النعمان قال : حدثنا حماد ، عن غيلان بن جرير ، عن مطرف بن عبد الله قال : صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين ، فكان إذا سجد كبر ، وإذا رفع رأسه كبر ، وإذا نهض من الركعتين كبر ، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال : قد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو قال : لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " فكان إذا سجد كبر " .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله : وهم خمسة ، أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي ، وحماد هو ابن زيد ، وغيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ، وابن جرير بفتح الجيم ومطرف بضم الميم قد مضى عن قريب .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله : " صليت خلف علي " قد مضى في الباب السابق أن ذلك كان بالبصرة ، وكذا رواه سعيد بن منصور من رواية حميد بن هلال ، عن عمران ، ووقع في رواية أحمد من رواية سعيد بن أبي عروبة ، عن غيلان بالكوفة ، وكذا في رواية عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة وغير واحد ، عن مطرف ، ويحتمل أن يكون ذلك وقع مرتين مرة بالبصرة ومرة بالكوفة . قوله : " أنا " إنما ذكر هذه اللفظة ليصح العطف على الضمير الذي في صليت ، وهذا [ ص: 60 ] على رأي البصريين . قوله : " فلما قضى الصلاة " أي أداها ، وليس المراد به القضاء الاصطلاحي . قوله : " قد ذكرني " بتشديد الكاف ، وفي رواية الكشميهني " لقد ذكرني " قوله : “ هذا " أي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، وذلك لأنه كان يكبر في كل انتقالاته . قوله : " أو قال " شك من أحد رواته ، قيل : يحتمل أن يكون الشك من حماد ; لأن أحمد رواه من رواية سعيد بن أبي عروبة بلفظ " صلى بنا مثل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولم يشك ، وفي رواية قتادة " عن مطرف ، قال عمران : ما صليت منذ حين أو منذ كذا وكذا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الصلاة " .

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستفاد منه : استدل البعض بقوله " صليت خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران " على أن موقف الاثنين يكون خلف الإمام خلافا لمن يقول يجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، قلت : هذا استدلال غير تام لأنه لم يذكر فيه أنه لم يكن معهما غيرهما ، وفيه خص بذكر السجود والرفع والنهوض من الركعتين فقط ، وقد عم في رواية أبي العلاء إشعارا بأن هذه المواضع الثلاثة هي التي كان ترك التكبير فيها حتى تذكرها عمران بصلاة علي رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  وفيه قال ابن بطال : ترك التكبير فيما ترك التكبير يدل على أن السلف لم يتلقوه على أنه ركن من الصلاة ، وقال بعضهم : ونقل الطحاوي الإجماع على أن من تركه فصلاته تامة ، وفيه نظر لما تقدم عن أحمد ، والخلاف في بطلان صلاته ثابت في مذهب مالك إلا أن يريد إجماعا سابقا ، قلت : لم يقل الطحاوي هكذا ، وإنما قال هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير في كل رفع وخفض أولى من حديث عبد الرحمن بن أبزى وأكثر تواترا ، وقد عمل بها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله تعالى عنهم وتواتر بها العمل إلى يومنا هذا ، لا ينكر ذلك منكر ولا يدفعه دافع انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : أراد بالآثار المروية التي أخرجها عن عبد الله بن مسعود وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك ، وأشار بهذا أيضا إلى أن من جملة أسباب الترجيح كثرة عدد الرواة وشهرة المروي حتى إذا كان أحد الخبرين يرويه واحد والآخر يرويه اثنان ، فالذي يرويه اثنان أولى بالعمل به ، وقوله : “ وتواتر بها العمل إلى آخره إشارة إلى أنه يصير كالإجماع ، وفرق بين كالإجماع والإجماع .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية