الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  720 141 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم نخامة في قبلة المسجد، وهو يصلي بين يدي الناس، فحتها، ثم قال حين انصرف: إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله قبل وجهه، فلا يتنخمن أحد قبل وجهه في الصلاة،

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في الجزء الثالث منها: وهو قوله: "أو بصاقا" فإن قلت: المذكور في الترجمة البصاق، وفي الحديث النخامة، وأين التطابق؟ قلت: المقصود مطابقة أصل الحديث، فإنه أخرج حديث نافع، عن ابن عمر هذا أيضا في باب: حك البزاق باليد من المسجد، ولفظه عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في جدار القبلة فحكه، الحديث; ولأن حكم البصاق والنخامة واحد من حيثية تعين إزالتهما، على أن الصحيح أن النخامة هي الفضلة الخارجة من الصدر، وقد استوفينا الكلام في الأبواب التي فيها حك البزاق باليد، وحك النخامة بالحصى، فقوله: "وهو يصلي" جملة حالية. قوله: "بين يدي الناس" قال بعضهم: هذا يحتمل أن يكون متعلقا بقوله: "وهو يصلي"، أو بقوله: "رأى نخامة"، قلت: ظاهر التركيب يقتضي تعلقه بقوله: "وهو يصلي"؛ لأن العامل في الظرف هو قوله: "يصلي"، قوله: "فحتها" بالتاء المثناة من فوق, أي: حكها وأزالها. قوله: "ثم قال حين انصرف" ظاهر التركيب يقتضي أن يكون الحت وقع منه صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة، وفي رواية مالك، عن نافع، عن ابن عمر المذكور آنفا غير مقيد بحال الصلاة، وكذلك هو أخرج هناك أحاديث عن أبي هريرة، وأبي سعيد، وأنس رضي الله تعالى عنهم، وليس في واحد منها قيد بحال الصلاة، فإن قلت: ما وجه هذه الرواية المقيدة بحال الصلاة؟ أوليس هذا عمل يفسد الصلاة؟ قلت: العمل اليسير لا يفسد [ ص: 3 ] الصلاة، وهو كبصاقه في ثوبه في الصلاة، ورد بعضه على بعض، ونظيره ما رواه الترمذي من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: " جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه " وقال: هذا حديث حسن غريب، وهو محمول على أنه مشى أقل من ثلاث خطوات لقربه من الباب، وفتحه الباب أيضا محمول على أنه فتحه بيده الواحدة؛ وذلك لأن الفتح باليدين عمل كثير فتفسد به الصلاة، وعن هذا قال أصحابنا: لو غلق المصلي الباب لا تفسد صلاته ولو فتحها فسدت؛ لأن الفتح يحتاج غالبا إلى المعالجة باليدين، وهو عمل كثير بخلاف الغلق، حتى لو فتحها بيده الواحدة لا تفسد. قوله: "قبل وجهه" بكسر القاف وفتح الباء الموحدة، وهو على سبيل التشبيه، أي: كأنه قبل وجهه، فيكون التنخم قبل الوجه سوء أدب. قوله: "فلا يتنخمن" بالنون المؤكدة الثقيلة، أي: فلا يرمين النخامة قبل وجهه وهو في الصلاة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية