الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثالث : وهو ما اختلف قوله في قبول قول الوكيل فيه على موكله ، فهو أن يوكل في عمله فيدعي الوكيل إيقاعه على الوجه المأذون فيه وينكره الموكل ، كتوكيله في بيع أو نكاح أو هبة أو عتق أو طلاق أو إقباض مال ، فينكر الموكل ذلك مع تصديق البائع والمنكوحة والموهوب له والمطلقة والقابض والمعتق ففيه قولان محكيان عن الشافعي ووجهان ذكرهما ابن سريج .

                                                                                                                                            فأحد قولي الشافعي أن القول في جميع ذلك قول الموكل إلا أن يقيم الوكيل بينة على ما ادعاه ، والبينة عليه معتبرة بالمشهود فيه من كونه مالا أو غير مال وإنما كان القول قول الموكل لأنها عقود فلم تلزم بمجرد الدعوى .

                                                                                                                                            [ ص: 522 ] والقول الثاني : أن القول في جميع ذلك قول الوكيل لأن الموكل لما أقامه مقام نفسه نفذ قوله عليه كنفوذ قوله على نفسه ، فهذان قولا الشافعي المحكيان عنه .

                                                                                                                                            وأما وجها أبي العباس فإنه ذكر في كتاب الوكالة بعد حكاية قول الشافعي وجهين ذكر احتمالهما ونصر توجيههما .

                                                                                                                                            أحد الوجهين أنه إن كان ما أقر به الوكيل يتم به وحده كالعتق والطلاق والإبراء كان قوله مقبولا فيه لأنه لما كان يصح من الوكيل في الحال صح إقراره به في تلك الحال ، وما كان بخلافه لم يقبل إقراره به .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو الذي عول عليه واعتمد على نصرته : أن ما كان الإقرار به كإيقاعه قبل قوله فيه ، وما كان بخلافه لم يقبل قوله فيه .

                                                                                                                                            وهذان الوجهان إنما يكون للقول بهما وجه إذا كان الوكيل عند الاختلاف باقيا على الوكالة فأما مع عزله عنها فلا وجه لتخريجهما لما يقتضيه تعليل كل واحد منهما ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية