الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة المنصور بن أبي عامر

في هذه السنة توفي أبو عامر محمد بن أبي عامر المعافري ، الملقب بالمنصور ، أمير الأندلس مع المؤيد هشام بن الحاكم ، وقد تقدم ذكره عند ذكر المؤيد ، وكان أصله من الجزيرة الخضراء من بيت مشهور بها ، وقدم قرطبة طالبا للعلم ، وكانت له همة ، فتعلق بوالدة المؤيد في حياة أبيه المستنصر .

فلما ولي هشام كان صغيرا ، فتكفل المنصور لوالدته القيام بأمره ، وإخماد الفتن الثائرة عليه ، وإقرار الملك عليه ، فولته أمره وكان شهما ، شجاعا ، قوي النفس ، حسن التدبر ، فاستمال العساكر وأحسن إليهم ، فقوي أمره ، وتلقب بالمنصور ، وتابع الغزوات إلى الفرنج وغيرهم ، وسكنت البلاد معه ، فلم يضطرب منها شيء .

وكان عالما ، محبا للعلماء ، يكثر مجالستهم ويناظرهم ، وقد أكثر العلماء ذكر مناقبه ، وصنفوا لها تصانيف كثيرة ، ولما مرض كان متوجها إلى الغزو ، فلم يرجع ، [ ص: 531 ] ودخل بلاد العدو فنال منهم وعاد وهو مثقل ، فتوفي بمدينة سالم ، وكان قد جمع الغبار الذي وقع على درعه ( في غزواته شيئا صالحا ) ، فأمر أن يجعل في كفنه تبركا به .

وكان حسن الاعتقاد والسيرة ، عادلا ، كانت أيامه أعيادا لنضارتها ، وأمن الناس فيها ، رحمه الله . وله شعر جيد ، وكانت أمه تميمية ، ولما مات ولي بعده ابنه المظفر أبو مروان عبد الملك ، فجرى مجرى أبيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية