الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7435 ) فصل ومن عليه دين حال أو مؤجل ، لم يجز له الخروج إلى الغزو إلا بإذن غريمه ، إلا أن يترك وفاء ، أو يقيم به كفيلا ، أو يوثقه برهن . وبهذا قال الشافعي ، ورخص مالك في الغزو لمن لا يقدر على قضاء دينه ; لأنه لا تتوجه المطالبة به ولا حبسه من أجله ، فلم يمنع من الغزو ، كما لو لم يكن عليه دين .

                                                                                                                                            ولنا أن الجهاد تقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق ، بفواتها ، وقد جاء { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا ، تكفر عني خطاياي ؟ قال : نعم ، إلا الدين ، فإن جبريل قال لي ذلك } رواه مسلم وأما إذا تعين عليه الجهاد ، فلا إذن لغريمه ; لأنه تعلق بعينه ، فكان مقدما على ما في ذمته ، كسائر فروض الأعيان ، ولكن يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل ; من المبارزة ، والوقوف في أول [ ص: 172 ] المقاتلة ، لأن فيه تغريرا بتفويت الحق . وإن ترك وفاء ، أو أقام كفيلا ، فله الغزو بغير إذن .

                                                                                                                                            نص عليه أحمد في من ترك وفاء ، لأن عبد الله بن حرام أبا جابر بن عبد الله خرج إلى أحد ، وعليه دين كثير ، فاستشهد ، وقضاه عنه ابنه بعلم النبي ، ولم يذمه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، ولم ينكر فعله ، بل مدحه ، وقال { ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها ، حتى رفعتموه . وقال لابنه جابر أشعرت أن الله أحيا أباك ، وكلمه كفاحا } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية