الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يصح بيع الحمل وحده ) كما علم من بطلان بيع الملاقيح وإنما ذكره توطئة لقوله ( ولا ) بيع ( الحامل دونه ) لتعذر استثنائه إذ هو كعضو منها وأورد على مفهومه بعض الشراح ما يظهر فساده بأدنى تأمل فليحذر ( ولا ) بيع ( الحامل بحر ) ورقيق لغير مالك الأم وإن كان للمشتري بنحو إيصاء أو الحامل بغير متقوم كأن حملت آدمية أو بهيمة [ ص: 308 ] من مغلظ لما مر أن الفرع يتبع أخس أبويه في النجاسة فعلم أنهم حيث أطلقوا حكم الحمل أرادوا به غير هذا على أنه نادر جدا فلا يرد عليهم وذلك لاستثنائه شرعا فكان كاستثنائه حسا ومثله لبون بضرعها لبن لغير مالكها وإنما صح بيع الدار المستأجرة لأن المنفعة ليست عينا مستثناة والحمل جزء متصل فلم يصح استثناؤه وأيضا فالمنفعة يصح إيراد العقد عليها وحدها فصح استثناؤها بخلاف الحمل ( ولو باع حاملا مطلقا ) من غير تعرض لدخول أو عدمه ( دخل الحمل في البيع ) إن اتحد مالكهما إجماعا وإلا بطل ولو وضعت ثم باعها فولدت آخر لدون ستة أشهر من الأول كان للمشتري كما قاله الشيخان في الكتابة لانفصاله في ملكه وعن النص للبائع لأنهما حمل واحد ويجاب بأن المدار على الاستتباع حالة البيع وما انفصل لا استتباع فيه بخلاف ما اتصل فأعطي كل حكمه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وأورد على مفهومه بعض الشراح ) هو البدر بن شهبة وقوله : ما يظهر فساده هو أنه لو وكل مالك الحمل مالك الأم فباعهما دفعة فإنه لا يصح لأنه لا يملك العقد بنفسه فلا يصح منه التوكيل فيه ا هـ وحاصل الإيراد أن مفهوم قوله وحده وقوله دونه أنه يصح بيعهما معا مع أنه ليس كذلك وكان وجه فساده أن هذا المفهوم قد صرح المصنف بحكمه في قوله ولو قال بعتكها وحملها بطل في الأصح فليتأمل ( قوله : حملت آدمية ) لا يقال هذا مبني على نجاسة ولدها من مغلظ وهو ممنوع لأنا نقول هذا ظاهر [ ص: 308 ] إذا حملت بآدمي أما لو حملت بكلب مثلا فدعوى طهارته ممنوعة إذ ليس آدميا ( قوله : من مغلظ ) نوزع في ذلك بأن ما في الباطن لا يحكم بنجاسته قبل ظهوره وبعد ظهوره إنما يعطى حكم النجس من حينئذ فينبغي صحة البيع لعدم الحكم بالنجاسة ا هـ ويجاب بعد تسليم أنه لا يحكم بنجاسته قبل الانفصال بأنه غير متقوم فهو كالحر وقد يقال المراد بعدم الحكم بنجاسة ما في الباطن إنه لا ينجس ما لاقاه في الباطن مما في الباطن وإلا فهو في نفسه نجس ( قوله : فصح استثناؤها ) عبارة شرح الروض فصح استثناؤها شرعا دونه ا هـ وقضية التقييد بشرعا امتناع استثنائها لفظا كما لو قال في غير المستأجر بعتكها إلا منفعتها سنة فليراجع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لتعذر استثنائه ) عبارة المغني لأنه لا يجوز إفراده بالعقد فلا يستثنى كعضو الحيوان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وأورد على مفهومه بعض الشراح ) هو البدر بن شهبة ( قوله : ما يظهر فساده ) هو أنه لو وكل مالك الحمل مالك الأم فباعها دفعة فإنه لا يصح لأنه لا يملك العقد بنفسه فلا يصح منه التوكيل فيه انتهى وحاصل الإيراد أن مفهوم قوله وحده وقوله دونه أنه لا يصح بيعهما معا مع أنه ليس كذلك وكان وجه فساده أن هذا المفهوم قد صرح المصنف بحكمه في قوله ولو قال بعتكها وحملها بطل البيع في الأصح سم على حج ا هـ ع ش وسيد عمر ( قوله : أو الحامل إلخ ) عطف على الحامل بحر ( قوله : أو الحامل بغير متقوم إلخ ) أي لأنه لا يقابل بمال فهو [ ص: 308 ] كالحر واعتمد الشهاب الرملي الصحة فيه كذا بهامش صحيح أقول وهو ظاهر ويوافقه اقتصار الشارح م ر أي والمغني في البطلان على ما لو كان الحمل حرا أو رقيقا لغير مالك الأم وقد يوجه ما اقتضاه كلام الشارح م ر تبعا لوالده من الصحة بما يأتي في تفريق الصفقة من أنه متى كان الحرام غير مقصود كالدم كان البيع في الحال صحيحا بجميع الثمن ويلغو ذكر غيره لتنزيله منزلة العدم حيث لم يكن مقصودا ا هـ ع ش ( قوله : من مغلظ ) نوزع في ذلك بأن ما في الباطن لا يحكم بنجاسته قبل ظهوره وبعد ظهوره وإنما يعطى حكم النجس من حينئذ فينبغي صحة البيع لعدم الحكم بالنجاسة انتهى ويجاب بعد تسليم أنه لا يحكم بنجاسته قبل الانفصال بأنه غير متقوم فهو كالحر وقد يقال المراد بعدم الحكم بنجاسته في الباطن أنه لا ينجس ما لاقاه في الباطن مما في الباطن وإلا فهو في نفسه نجس ا هـ سم وميل القلب إلى ما مر عن الشهاب الرملي من صحة البيع .

                                                                                                                              ( قوله : غير هذا ) أي الحمل من مغلظ ( قوله : وذلك ) أي عدم صحة بيع الحامل بحر إلخ ( قوله : ومثله ) أي الحامل بحر فلا يصح ( قوله : فصح استثناؤها ) عبارة شرح الروض فصح استثناؤها شرعا دونه انتهت وقضية التقييد بشرعا امتناع استثنائها لفظا كما لو قال في غير المستأجرة بعتكها إلا منفعتها سنة فليراجع ا هـ سم عبارة المغني فإن قيل يشكل على عدم صحة بيع الحامل بحر أو برقيق لغير مالك الأم صحة بيع الدار المستأجرة مع أن المنفعة لا تدخل فكأنه استثناها أجيب بأن الحمل أشد اتصالا من المنفعة بدليل جواز إفرادها بالعقد بخلافه وبأن استثناء المنفعة قد ورد في قصة جابر لما باع جمله من النبي صلى الله عليه وسلم واستثنى ظهره إلى المدينة فيبقى ما سواها على الأصل ا هـ وقضية جوابه الثاني جوار الاستثناء لفظا فليراجع ( قوله : ثم باعها ) أي بعد موت الولد المنفصل لحرمة التفريق بين الأم وولدها حتى يميزا وباعهما معا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للمشتري ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله : للبائع ) عبارة النهاية والمغني أنه للبائع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فأعطي كل حكمه ) فعلم أن هذه الصورة غير مستثناة من كلام المصنف ومن استثناها فقد وهم نهاية ومغني قال ع ش قوله : م ر غير مستثناة أي لدخوله في بيعها عند الإطلاق ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية