الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) هو وجود ( كل ما ينقص ) بالتخفيف كيخرج وقد يشدد بقلة وهو متعد فيهما ( العين أو القيمة نقصا يفوت به غرض صحيح ) قيد لنقص الجزء خاصة احترازا عن قطع زائد وفلقة يسيرة من الفخذ اندملت بلا شين وعن الختان بعد الاندمال فإنه فضيلة ويصح جعله قيدا لنقص القيمة أيضا خلافا للشراح حيث اقتصروا على الأول وبنوا عليه الاعتراض على المتن بأنه كان ينبغي له ذكره عقبه وتبعهم شيخنا في منهجه احترازا عن نقص يسير يتغابن به ( إذا غلب ) في العرف العام لا في محل البيع وحده فيما يظهر والكلام فيما لم ينصوا على أنه عيب وإلا لم يؤثر فيه عرف بخلافه مطلقا كما هو ظاهر ( في جنس المبيع عدمه ) قيد لهما احترازا في الأول عن قلع الأسنان وبياض الشعر في الكبير وفي الثاني عن ثيوبة الكبيرة وبول الطفل فإنهما وإن نقصا القيمة لا يغلب عدمهما في جنس المبيع ولا نظر لغلبة نحو ترك الصلاة في الأرقاء لأنه لتقصير السادة ولأن محل الضابط كما تقرر فيما لم ينصوا فيه على أنه عيب أو غير عيب ككونها عقيما أو غير مختونة وكذا الذكر إلا كبيرا يخاف من ختانه عادة ولا يضبط بالبلوغ على الأوجه [ ص: 358 ] أو كونه يعتق على المشتري أو يسيء الأدب بخلاف سيئ الخلق والفرق بينهما واضح أو ثقيل النفس أو بطيء الحركة أو ولد زنا أو مغنيا أو عنينا أو محرما بنسب أو غير لخصوص التحريم به ومر أنه يتخير بالعيب ( سواء أقارن العقد أم حدث قبل القبض ) ما لم يكن بسبب متقدم رضي به المشتري كما لو اشترى بكرا مزوجة عالما فأزال الزوج بكارتها فلا يتخير كما بحثه السبكي وغيره لرضاه بسببه وقد ينازع فيه بأنه لا عبرة بالرضا بالسبب مع كون الضمان على البائع فالأخذ بإطلاقهم غير بعيد وبهذا يفرق بين هذا وقوله الآتي إلا أن يستند إلى سبب متقدم لأنه فيما حدث بعد القبض لتعجب الزركشي من قول السبكي والأذرعي لم نر في هذه نقلا بأنها داخلة في قول المتن الآتي إلا إلى آخره وهم لما علمت أن ذاك فيما بعد القبض وهذا فيما قبله وأن بينهما فرقا واضحا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : قيد لهما ) أي قوله : إذا غلب إلخ قيد لهما أي لنقص الجزء ونقص القيمة ( قوله : فيما لم ينصوا فيه على أنه عيب ) أخذ شيخنا الشهاب الرملي من الضابط أن الخصاء في البهائم غير عيب في هذه الأزمان انتهى وقياسه أن ترك الصلاة غير عيب في هذه الأزمان في الرقيق لغلبته فيه وقياس ذلك ما قاله الزركشي أن محل عد كونه شاربا للمسكر من العيوب في المسلم دون من يعتاد ذلك من - [ ص: 358 ] الكفار م ر ( قوله : لخصوص التحريم به ) أي بخلاف نحو كونها معتدة قال في الروض وكذا أي من العيوب كفر رقيق لم يجاوره كفار لقلة الرغبة فيه أو كافرة كفرها يحرم الوطء أي كوثنية أو مجوسية انتهى ( قوله : فلا يتخير ) أي ولا أرش م ر ( قوله : لأنه فيما حدث إلخ ) أي وفيما لم يرض به المشتري ( قوله : وهم لما علمت إلخ ) قد يقال مجرد هذا الذي علم لا يقتضي الوهم ؛ لأنه إذا شاء الرد بالحادث بعد القبض لاستناده إلى سبب متقدم فالرد بالحادث قبله لاستناده إلى ذلك أولى كما لا يخفى ويجوز أن يكون مراده بدخوله في قول المتن المذكور دخوله فيه باعتبار مفهومه الأولى فالوجه في الرد عليه أن يقال فرض ما نحن فيه مع العلم بالسبب المتقدم وما يأتي مع الجهل به فتأمله وبهذا يظهر ما في قوله وأن بينهما فرقا واضحا ؛ لأن مجرد النظر لما قبل القبض وما بعده لا يقتضي فرقا في الحكم فضلا عن كونه واضحا بل ما قبل أولى بذلك الحكم كما تقرر [ ص: 359 ] فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بالتخفيف ) إلى قوله ولا نظر في النهاية ( قوله : وقد يشدد ) أي مع ضم الياء من التفعيل ( قوله : وهو متعد فيهما ) أي هنا وإلا فالمخفف يأتي لازما كما يأتي متعديا لواحد ولاثنين ومثله في ذلك زاد ا هـ رشيدي ( قوله : قيد ) أي قول المصنف نقصا يفوت إلخ ( قوله : وبنوا عليه الاعتراض إلخ ) أقره المغني ( قوله : ذكره عقبه ) إما بأن يقدم ذكر القيمة أو يجعل هذا القيد عقب نقص العين ا هـ مغني ( قوله : احترازا إلخ ) راجع لقوله ويصح جعله قيدا إلخ ( قوله : لا في محل البيع وحده إلخ ) قد يقال بل الذي يظهر اعتبار محل العقد فإنه الذي ينصرف إليه الاسم عند إطلاق المتعاقدين ويوافقه ما مر في البغال ونحوها عن الأذرعي وكذا ما مر في عدم ختان العبد الكبير عن الأذرعي أيضا ا هـ ع ش وسيجيء مثله عن السيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : والكلام فيما لم ينصوا إلخ ) لك أن تقول الحكمة في مشروعية الرد بالعيب دفع الضرر عن المشتري وقد يكون الشيء عيبا منقصا للقيمة في محل دون آخر ومن نص من الأئمة على كون الشيء عيبا أو غير عيب إنما هو لكونه عرف محله وناحيته والمعول عليه الضابط الذي قرروه وإذا كان نصوص الكتاب والسنة تقبل التخصيص ويدور حكمها مع العلة وجودا وعدما فما بالك بغيرها والأدب مع الشارع بالوقوف مع غرضه أولى بنا عن الجمود على ما يقتضيه إطلاقات الأئمة والله أعلم ا هـ سيد عمر ثم أطال وبسط في سرد تقييد المتأخرين لإطلاقات المتقدمين في هذا الباب وغيره راجعه ( قوله : قيد ) أي إذا غلب إلخ ( قوله : لهما ) أي العين والقيمة ا هـ ع ش ( قوله : في الكبير ) أي بخلافهما في الصغير نهاية ومغني ( قوله : عن ثيوبة الكبيرة ) خرج به ما لو كانت في سن لا تحتمل فيه الوطء ووجدها ثيبا فله الخيار بذلك ا هـ ع ش ( قوله : ولا نظر لغلبة إلخ ) خلافا للنهاية والمغني ووافقهما سم كما يأتي آنفا ( قوله : فيما لم ينصوا ) أخذ شيخنا الشهاب الرملي من الضابط أن الخصاء في البهائم غير عيب في هذه الأزمان ا هـ وقياسه أن ترك الصلاة غير عيب في هذه الأزمان في الرقيق لغلبته وقياس ذلك ما قاله الزركشي أن محل عد كونه شاربا للمسكر من العيوب في المسلم دون من يعتاد ذلك من الكفار م ر ا هـ سم ( قوله : ككونها عقيما ) مثال لغير عيب وهو إلى قوله بخلاف سيئ - [ ص: 358 ] الخلق في النهاية والمغني ( قوله : أو كونه ) عطف على كونها عقيما إلخ ومرجع الضمير الرقيق الشامل للذكر والأنثى .

                                                                                                                              ( قوله : والفرق بينهما واضح ) ولعله أن سوء الخلق جبلة لا يمكن تغييرها ا هـ ع ش ( قوله : أو ثقيل النفس ) عطف على قوله يعتق على المشتري ( قوله : أو ولد زنا إلخ ) وكذا لا رد بكون الرقيق زامرا أو عارفا بالضرب بالعود أو حجاما أو أصلع أو أغم ولا صائمة ولا بكون العبد فاسقا لا يكون سببه عيبا كما قيد به السبكي ا هـ نهاية ( قوله : لخصوص التحريم به ) أي بخلاف نحو كونها معتدة قال في الروض وكذا أي من العيوب كفر رقيق لم يجاوره كفار لقلة الرغبة فيه أو كافرة كفرها يحرم الوطء أي كوثنية أو مجوسية انتهى ا هـ سم ( قوله : ومر أنه إلخ ) لا يخفى ما في هذا التقدير عبارة النهاية والمغني سواء في ثبوت الخيار قارن إلخ وهي أحسن ( قوله : رضي به ) أي بهذا السبب ( قوله : كما لو اشترى إلخ ) مثال لما حدث بعد العقد وقبل القبض بسبب متقدم على العقد ( قوله : فلا يتخير ) أي ولا أرش م ر ا هـ سم ( قوله : كما بحثه السبكي ) اعتمده النهاية والمغني وسم ( قوله : لأنه فيما حدث إلخ ) أي وفيما لم يرض به المشتري ا هـ سم ( قوله : فتعجب إلخ ) مبتدأ خبره قوله الآتي وهم ( وقوله : لم نر في هذه نقلا ) مقول القول والإشارة لمسألة شراء البكر المزوجة عالما ( وقوله : بأنها إلخ ) متعلق بالتعجب ( قوله : وهم إلخ ) قد يقال مجرد هذا الذي علم لا يقتضي الوهم لأنه إذا نشأ الرد بالحادث بعد القبض لاستناده إلى سبب متقدم فالرد بالحادث قبله لاستناده إلى ذلك أولى كما لا يخفى ويجوز أن يكون مراده بدخوله في قول المتن المذكور دخوله فيه باعتبار مفهوم الأولى فوجه الرد عليه أن يقال فرض ما نحن فيه مع العلم بالسبب المتقدم وما يأتي مع الجهل به فتأمله ا هـ سم ( قوله : وأن بينهما فرقا واضحا ) فيه أن مجرد النظر لما قبل القبض وما بعده لا يقتضي فرقا في الحكم فضلا عن كونه واضحا بل ما قبل أولى بذلك الحكم كما تقرر فليتأمل ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية