الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن سلك طريقا ) في بر أو بحر ينتهي إلى ميقات فهو ميقاته ، وإن حاذى غيره أو لا أو ( لا ينتهي إلى ميقات ، فإن حاذى ) بالمعجمة ( ميقاتا ) أي سامته بأن كان على يمينه أو يساره ولا عبرة بما أمامه أو خلفه ( أحرم من محاذاته ) ، فإن اشتبه عليه وضع المحاذاة اجتهد ويسن أن يستظهر [ ص: 42 ] ليتيقن المحاذاة ، فإن لم يظهر له شيء تعين الاحتياط ( أو ) حاذى ( ميقاتين ) بأن كان إذا مر على كل تكون المسافة منه إليه واحدة ( فالأصح أنه يحرم من محاذاة أبعدهما ) من مكة ، وإن حاذى الأقرب إليها أولا ليس له انتظار الوصول إلى محاذاة الأقرب إليها كما ليس للمار على ذي الحليفة أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة ، فإن استوت مسافتهما في القرب إلى طريقه وإلى مكة أحرم من محاذاتهما ما لم يحاذ أحدهما قبل الآخر وإلا فمنه .

                                                                                                                              أما إذا لم تستو مسافتهما إليه بأن كان بين طريقه وأحدهما إذا مر عليه ميلان والآخر إذا مر عليه ميل فهذا هو ميقاته ، وإن كان أقرب إلى مكة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله : بأن كان إذا مر إلخ ) كأنه تفسير مراد وإلا فمحاذاة الميقاتين أعم من ذلك .

                                                                                                                              ( قوله : وليس له انتظار الوصول إلى محاذاة الأقرب ) أي إذا حاذى الأبعد أولا .

                                                                                                                              ( قوله : ما لم يحاذ أحدهما قبل الآخر ) أي ويتصور محاذاة أحدهما قبل [ ص: 43 ] الآخر مع كون الفرض الاستواء المذكور بنحو انحراف طريق أحدهما إلى مكة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : إلى ميقات ) أي : عينه عبارة الونائي ويجب الإحرام من البقعة أو من محاذيها يمنة أو يسرة لكن إن حاذى أحدهما ومر بعين الآخر فالعبرة بالثاني إذ المرور بالعين أقوى من المحاذاة كما إذا حاذى ذا الحليفة ومر بعين الجحفة ا هـ قول المتن ( فإن حاذى ميقاتا إلخ ) أي بمفرده مغني .

                                                                                                                              ( قوله : ولا عبرة بما أمامه أو خلفه ) أي : ؛ لأن الأول أمامه والثاني وراؤه نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : موضع المحاذاة ) أي : أو الميقات نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : اجتهد ) أي : إن لم يجد من يخبره عن علم ولا يقلد غيره في التحري إلا أن يعجز عنه كالأعمى نهاية عبارة الونائي ويعمل بقول المخبر عن [ ص: 42 ] علم ثم يجتهد إن علم أدلة المحاذاة وإلا قلد مجتهدا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ليتيقن المحاذاة ) أي : أو أنه فوق الميقات نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : فإن لم يظهر له شيء إلخ ) أي : وإن تحير في اجتهاده لزمه الاستظهار إن خاف فوت الحج أو كان قد تضيق عليه نهاية وونائي عبارة الكردي على بافضل وكون ما ذكر سنة جرى عليه شيخ الإسلام في شرحي البهجة والخطيب في شرحي المنهاج والتنبيه والجمال الرملي في شرحي الزبد والبهجة زاد الشارح حج في سائر كتبه وجوب الاحتياط عليه إذا تحير في اجتهاده وكان قد تضيق عليه الحج أو خاف فوته وأقر الأذرعي على ذلك في الأسنى والجمال الرملي في شروحه على المنهاج والإيضاح والدلجية ورأيت في حاشية الإيضاح للشارح وفي شرحه لابن علان لو تضيق عليه وكان الاستظهار يؤدي إلى تفويته فالظاهر أن ذلك يكون عذرا في عدم وجوب الاستظهار حينئذ إذ الأصل براءة الذمة من الدم وعدم العصيان لعدم تحقق المجاوزة وهذا هو السبب في إطلاقهم استحباب الاستظهار وحيث قلنا بوجوبه فمحله كما هو ظاهر إذا لم يخش فوت رفقة وأمن على محترم وفقد عارفا يقلده انتهى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بأن كان إلخ ) كأنه تفسير مراد وإلا فمحاذاة الميقاتين أعم من ذلك سم أي : كما يظهر بمراجعة النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : إذا مر ) أي : من طريقه ، و ( قوله : منه ) يعني من طريقه .

                                                                                                                              ( قوله : وإن حاذى الأقرب إليها أولا ) أي كأن كان الأبعد منحرفا أو وعرا فلو جاوزهما مريدا للنسك ولم يعرف موضع المحاذاة ثم رجع إلى الأبعد أو مثل مسافته سقط الدم أو إلى الآخر أي : الذي هو الأقرب لم يسقط نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : وليس له إلخ ) أي : إذا حاذى الأبعد أو لا سم ( قوله على ذي الحليفة ) أي عينه .

                                                                                                                              ( قوله : ما لم يحاذ أحدهما قبل الآخر ) ويتصور محاذاة أحدهما قبل الآخر مع كون الفرض الاستواء المذكور بنحو انحراف طريق أحدهما إلى مكة سم وكردي .

                                                                                                                              ( قوله : أما إذا لم تستو مسافتهما إلخ ) محترز قوله بأن كان إذا مر إلخ ( قوله وأحدهما إلخ ) بالجر عطفا على طريقه و ( قوله : والآخر إلخ ) بالجر عطفا على أحدهما إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : فهذا ميقاته إلخ ) والحاصل أن العبرة أولا بالقرب إليه ثم بالبعد من مكة ثم بالمحاذاة أولا ، فإن انتفى جميع ذلك فمن محاذاتهما كردي على بافضل




                                                                                                                              الخدمات العلمية