الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - التأكيد بالجملة الاسمية البسيطة:

      الجملة الاسمية البسيطة أبسط أدوات التأكيد، وهي جملة المبتدأ والخبر، أو هي التي يكون فيها المسند إليه اسما والمسند وصفا مشتقا

      [1] .

      والأصل في نصوص الحديث النبوي كلها أنها من جوامع الكلم، وأن ألفاظها تدل على معانيها وزيادة، وتخلو ألفاظها من كل حشو وزيادة، وتغني السائل عن الاستزادة. وقد وردت كثير من الأحاديث النبوية بجمل قصار، فيها جواب عن سؤال السائل أو تعريف بمبدأ أو قاعدة أو خلق . [ ص: 103 ]

      فمن ذلك ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( المجالس بالأمانة ) [2] ، وما رواه الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العدة عطية ) [3] ، وما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( الندم توبة ) [4] ، وعن النعمان بن بشيرt: ( الجماعة رحمة والفرقة عذاب ) [5] ، وعن أنسt: "الأمانة غنى" [6] ، وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه: وعن معـاوية ابن أبي سفيان: "الخير عادة والشر لجاجة" [7] ، وما رواه أبو هريرة: [ ص: 104 ] ( اليمين على نية المستحلف ) [8] ، وعن ابن عمر: ( السماح رباح والعسر شؤم ) [9] ، وعن أبي أمامة: "العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم" [10] ، وعن علي: "التدبير نصف العيش، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين" [11] .

      وعن أبي هريرةt: "اليمـين الفاجرة تدع الديار بلاقع" [12] ، وعن أبي هـريرة: ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ) [13] . وعن أبي هريرة: ( صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم [ ص: 105 ] سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مـائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخـلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) [14] .

      هذه الأحاديث نماذج من البيان النبوي الذي يوجز القول إلى أدنى حـد لا يختل معه الكلام، سيقت بوسيلة من وسائل التأكيد، وهي الجمل الاسمية البسيطة إذ عدل بها عن الإخبار بالجمل الفعلية، وهي جمل اسمية بسيطة أخبر فيها عن المبتدأ بخبر مفرد نكرة، أو بشبه جملة، أو بجملة فعلية.

      وكل هذه الصفات والخصائص التي امتازت بها جمل الحديث وعباراته ونصوصه تدل على أنه من بليغ الكلام ومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية