الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - التجنيس:

      التجنيس من التجانس، وهو التماثل [1] . ويسمى الكلام مجانسا لأن حروف ألفاظه، يكون تركيبها من جنس واحد. وحقيقته أن يكون اللفظ واحدا والمعنى مختلفا [2] ، وهو من ألطف مجاري الكلام، ومن محاسن مداخله ويسمى هذا النوع جناسا؛ لما فيه من المماثلة اللفظية [3] .

      والتجنيس منه الحقيقي أو التام، وهو ما تساوت حروف ألفاظه في تركيبها ووزنها، كقوله تعالى: ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) (الروم:55)، فلفظ "الساعة" واحد، والمعنى مختلف [4] . ومنه التجنيس المشابه أو الناقص، وهو أن تكون الحروف [ ص: 177 ] متسـاوية في التركيـب، مختلـفة في الوزن، كما في حـديث عبد الله ابن مسعود: ( اللهم حسنت خلقي فحسن خلقي... ) [5] تساوت لفظتا "الخلق" و"الخلق" في تركيب الحروف، واختلفتا في الوزن.

      ومما تساوت ألفاظه في الوزن واختلفت في التركيب، قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله ابن عمر: ( الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) [6] .

      ومما اختلفت ألفاظه في الوزن والتركيب معا، قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بالمؤمن؟: من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ) [7] . اختلفت لفظتا "المؤمن" و"أمن"، ولفظتا "المسلم" و"سلم"، وزنا وتركيبا. [ ص: 178 ]

      ومن الأحاديث ما تساوت ألفاظه في الوزن والتركيب؛ غير أن تركيب الحروف فيه تقديم وتأخير، قوله صلى الله عليه وسلم في فضل تلاوة القرآن، كما ورد في حديث عبد الله بن عمرو: ( يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها ) [8] . استوت لفظتا "اقرأ" و"ارق"، في الوزن والتركيب، واختلفتا في ترتيب الحروف.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية