الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - التأكيد بتكرير اللفظ:

      ليس التكرير مجرد إعادة للفظ أو الجملة لذات الإعادة، ولكنه ضرب من التأكيد له موقع بليغ ومكان رفيع، ولا يخلو عن فائدة تمكين المعنى في النفس وتقويته. وكم من كلام لا يدخل حيز التحقيق حتى يخالطه صفو التكرير. وكتاب الله ببلاغة التكرير لم يخل عن الفائدة والاختصاص بالمزية، وما ذلك إلا لأن الألفاظ المكررة "إنما كانت لمعان جزلة ومقاصد سنية... فمن ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ، [ ص: 106 ] فهذا تكرير من جهة اللفظ والمعنى، ووجه ذلك أن الله تعالى إنما أوردها في خطاب الثقلين الإنس والجن، فكل نعمة يذكرها، أو ما يؤول إلى النعمة، يردفها بقوله: ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ، تقريرا للآلاء وإعظاما لحـالها... وهـكذا القول فيمـا ورد من الآيات المكررة؛ فإنها لم تتكرر إلا لمقصد عظيم في الرمز إلى ذلك المعنى الذي سيقت من أجله... ومن أحاط "بتلك اللطائف" فقد أوتي من البلاغة مفاتيح الكنوز" [1] .

      والتكرير أسلوب شائع في البيان النبوي الكريم؛ فقد روى الترمذي في "باب في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ( عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه ) [2] . وقال السيوطي: "لتعقل عنه أي ليتدبرها السامعون، ويرسخ معناها في القوة العاقلة، وحكمته أن الأولى للإسماع، والثانية للوعي، والثالثة للفكرة. والأولى إسماع، والثانية تنبيه، والثالثة أمر... وحمله على ما إذا عرض للسامعين نحو لفظ، فاختلط عليهم فيعيده لهم ليفهموه، أو على ما إذا كثر المخاطبون، فيلتفت مرة يمينا وأخرى شمالا وأخرى أماما، ليسمع الكل [3] . [ ص: 107 ]

      ولا شك في أن إعادة الكلام في الحديث النبوي أداة تعليمية [4] استعملها النبي صلى الله عليه وسلم ، في بيانه الكريم، ولها صور وأشكال، منها:

      التالي السابق


      الخدمات العلمية