الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
627 [ 769 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا الثقة، عن حميد، عن أنس قال: سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم .

التالي السابق


الشرح

محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بالنسب المذكور في الإسناد يقرب إلى الفهم أنه من ولد سعد بن معاذ الأنصاري، والأشبه أن المقصود في الإسناد غيره على ما سنذكر.

[ ص: 19 ] وأم الدرداء هي الكبرى واسمها خيرة -وقيل: جبرة- بنت أبي حدرد أخت عبد الله بن أبي حدرد، لها صحبة، وروت عن: أبي الدرداء.

وروى عنها: ميمون بن مهران، وصفوان بن عبد الله، وسهل بن معاذ بن أنس، وعبد الله بن بابا .

وأم الدرداء الصغرى لا صحبة لها واسمها هجيمة بنت حيي، ويقال: جهيمة الأوصابية، ويقال: الوصابية بطن من حمير الشام.

روت عن: أبي الدرداء أيضا وكانتا جميعا تحته .

وكعب بن عاصم: هو أبو مالك الأشعري كذلك كناه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، يعد في أهل الشام.

روى عنه: جابر بن عبد الله، و [عبد الرحمن] بن غنم، وخالد ابن أبي مريم، وأم الدرداء.

وكان قد شهد فتح مصر .

وحديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس صحيح أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك، ومسلم عن قتيبة عن الليث عن الزهري.

وحديث جابر الذي يليه رواه البخاري عن آدم عن شعبة عن [ ص: 20 ] محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري -ويقال: ابن أسعد ابن زرارة- عن محمد بن عمرو بن حسن بن علي بن أبي طالب عن جابر بن عبد الله، ورواه مسلم عن أحمد بن عثمان النوفلي عن أبي داود عن شعبة كذلك.

وربما وقع في إسناد الكتاب، حيث قال: محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن سعد بن معاذ وهم ; فإن البخاري روى الحديث في التاريخ من رواية عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن جابر ولم يذكر في الإسناد محمد بن عمرو بن حسن، ويوافقه ما رأيته في كتاب "اختلاف الحديث" للشافعي - رضي الله عنه -، فإنه قال: أبنا عبد العزيز بن محمد، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد، قال: قال جابر بن عبد الله ولم يزد على هذا، وهذه الأحاديث منقولة من اختلاف الحديث كما مر، فلا يؤمن أن يكون من أبي العباس وهم.

وحديث كعب بن عاصم ثابت رواه أبو عبد الله بن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة.

وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن يوافق حديث ابن عباس المذكور في الفصل أولا، وحديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر المذكور على إثره على ما فيها من زيادة ونقصان .

[ ص: 21 ] وحديث جعفر عن أبيه عن جابر أخرجه مسلم عن قتيبة عن عبد العزيز بن محمد.

وحديث حميد عن أنس معاد قد سبق في الكتاب من رواية الشافعي عن مالك عن حميد.

وفي حديث ابن عباس وما بعده ما يبين أنه لا بأس للمسافر بأن يصوم أياما ثم يفطر.

وقوله: "وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام الزهري، كذلك بينه معمر ويونس بن يزيد، وكأنه مال إلى أن الإفطار أفضل; لأن فطره كان بعد الصوم والأخذ بآخر الأمرين أولى، وقد قدمنا أن من الناس من قال: يتعين الإفطار في السفر، وإن من المجوزين للصوم اختلفوا في أن الصوم أفضل أو الإفطار في السفر، وعلى أن من أصبح صائما في السفر جاز له أن يفطر، وعلى أن من أنشأ السفر في رمضان يجوز له أن يفطر كمن دخل شهر رمضان وهو مسافر، وخالف فيه بعض أهل العلم.

وفيها ما يبين أن قوله: "ليس من البر الصيام في السفر" أراد به من يجهده الصوم ويشق عليه، وأن ترغيبهم في الإفطار عام الفتح كان ليتقووا على العدو، ولما لم تطب نفسهم بالإفطار وهو صائم وافقهم فيه، ولما أخبر بأن قوما صاموا بعد ذلك سماهم عصاة; لمخالفتهم ما رغب فيه ووافقهم عليه، ورغبتهم عن الأخذ بالرخصة.

والكديد: يقال إنه على اثنين وأربعين ميلا من مكة، والعرج: أول تهامة وهي قرية [جامعة] من عمل فرع على نحو من ثمانية [ ص: 22 ] وسبعين ميلا من المدينة، وكراع الغميم: المشهور من اللفظ فتح الغين وكسر الميم، ومنهم من ضم الغين وفتح الميم: وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال، وقد مر أن عسفان على ستة وثلاثين من مكة.

والكراع مضاف إليه وهو جبل أسود بطرف الحرة، والكراع ما سال من أنف الجبل أو الحرة، وكراع كل شيء: طرفه.

وفي بعض هذه الأحاديث أنه أفطر بالكديد، وفي بعضها ما يشعر بأنه أفطر بكراع الغميم، ولكن الموضعين متجاوران أو متقاربان على ما بينا مسافتهما، وكأنه انتهى إليهما في يوم واحد فبعضهم ذكر هذا وبعض ذاك.




الخدمات العلمية