الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1775 [ 824 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن أبي سعد سعيد بن المرزبان، عن نصر بن عاصم قال: قال فروة بن نوفل الأشجعي: على ما [ ص: 82 ] تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل الكتاب، فقام إليه المستورد فأخذ بلببه، فقال: يا عدو الله تطعن على أبي بكر وعمر وعلى أمير المؤمنين -يعني عليا -رضي الله عنه- وقد أخذوا منهم الجزية، فذهب به إلى القصر فخرج عليهم علي -رضي الله عنه- فقال: اتئدا فجلسا في ظل القصر، فقال علي: أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه، وإن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلما صحا جاءوا يقيمون عليه الحد، فامتنع منهم فدعى أهل مملكته فقال: تعلمون دينا خيرا من دين آدم، قد كان آدم ينكح بنيه من بناته فأنا على دين آدم، ما يرغب بكم [عن] دينه، فتابعوه وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم، فأصبحوا وقد أسري على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في صدورهم، وهم أهل الكتاب، وقد أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر منهم الجزية .

التالي السابق


الشرح

بجالة: هو ابن عبدة التميمي البصري، ويقال: بجالة بن كعب، وكان كاتب جزء بن معاوية التميمي البصري.

روى عن كتاب عمر بن الخطاب، ويقال: أنه سمع عمران بن الحصين.

وسمع منه: عمرو بن دينار، وقشير بن عمرو.

[ ص: 83 ] وسعيد بن المرزبان: هو أبو سعد البقال الأعور مولى حذيفة.

سمع: أنسا، وعكرمة .

ونصر بن عاصم في الرواة: هو الليثي البصري.

سمع: سبيع بن خالد اليشكري، وغيره.

وسمع منه: حميد بن هلال، وقتادة .

وذكر أئمة الحديث أن الصواب في هذا الإسناد عيسى بن عاصم: وهو عيسى بن عاصم الأسدي [سمع] زرا.

وروى عنه: سلمة بن كهيل، ومعاوية بن صالح .

وفروة بن نوفل الأشجعي يعد في الكوفيين.

روى عن: عائشة.

وروى عنه: هلال بن يساف، وعبد الملك بن عمير، وأبو إسحاق .

[ ص: 84 ] وأشهر المسمين بالمستورد: هو المستورد بن شداد الفهري صحابي.

روى عنه: قيس بن أبي حازم .

وحديث بجالة صحيح: أورده البخاري من حديث سفيان، ورواه أبو داود في السنن عن مسدد عن سفيان; وأما الحديث الثاني فقد رواه الفضل بن موسى وابن فضيل عن أبي سعد سعيد بن المرزبان وقالا: عيسى بن عاصم، وهو الذي عد صوابا، وعن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه قال: توهمت أن الشافعي أخطأ في هذا الاسم حتى رأيت الحميدي تابعه على ذلك فعلمت أن الخطأ من ابن عيينة.

والمقصود أنه يجوز أخذ الجزية من المجوس، ويروى أن عمر -رضي الله عنه- أخذها من مجوس السواد، وأن عثمان -رضي الله عنه- أخذها من مجوس البربر .

واختلف في أنه هل كان لهم كتاب؟

قيل: لم يكن، وعلى هذا جرى كلام فروة بن نوفل، واستدل له بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" فإنه يشعر بأنهم [ ص: 85 ] ليسوا بأهل كتاب، وقيل: كان فأسري به على ما بينه علي -رضي الله عنه-.

واحتج الشافعي بالقصة على أن الجزية لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب; لأنه لو كانت الجزية مأخوذة من غير أهل الكتاب لقال علي -رضي الله عنه-: تؤخذ الجزية منهم سواء كان أهل كتاب أو لم يكونوا، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم" .




الخدمات العلمية