الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1566 [ 1365 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي قال: قال سفيان: فأخبرني معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد أنه حضره يحدهم .

التالي السابق


الشرح

سلمة بن عوف بن سلامة .

وقوله: "ثم رفع يده فتبعها يتمطط" كأنه يريد: فتبعها بالنظر إليها فرأى ما لصق منه بإصبعه يتمطط أي: يتمدد.

وقوله: "هذا الطلاء" الطلاء: ما طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، سمي بذلك لمشابهته طلاء الإبل في الثخن والسواد وهو القطران، ويقال: أن الطلاء الخمر بعينها، ويحتج بقول عبيدة بن الأبرص: "هي الخمر تكنى الطلاء كما الذئب يكنى أبا جعدة".

وقوله: "فأمرهم عمر أن يشربوه" أي: رخص لهم فيه كأنه ظن أنه لا يسكر; لأنهم قالوا: نجعل من هذا الشراب شيئا لا يسكر، ولأنه رأى المطبوخ متغيرا عن الهيئة التي كانت في اللون والرقة، فلما قال عبادة: "أحللتها والله" يريد: الخمر; عرف عمر [أو ظن] أن الأمر على خلاف ما أوهموه فقال: "لا أحل لهم شيئا حكمت بتحريمه من المسكرات" يبينه قوله في الأثر الثاني: "وأنا سائل عما شرب، فإن كان [ ص: 459 ] يسكر جلدته" وأراد بفلان: عبيد الله أو بعض أصحابه على ما هو مبين في رواية سفيان من بعد.

وقول عطاء: "إن الريح ليكون من الشراب الذي ليس به بأس"

يشير إلى أن مجرد الرائحة لا تكفي لإقامة الحد; لأن الرائحة قد تكون من الشراب الذي لم ينته إلى حد الإسكار، وأيضا فربما شربه مكرها أو جاهلا بالحال.

والذي قال الشافعي أن قول عطاء مثل قول عمر لا يخالفه أي: في أنه لم يعتمد على الرائحة وتوقف ليعرف أنه من شراب يسكر أو من غيره، وما روي في "الصحيحين" عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله: كنت جالسا بحمص فقالوا لي: اقرأ، فقرأت سورة يوسف.

فقال رجل من القوم: والله ما هكذا أنزلها الله.

فقلت: ويحك، لقد قرأتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أحسنت" وأنت تقول لي ما تقول!

قال: فبينا أنا أكلمه إذ وجدت منه ريح الخمر، فقلت: تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر! أما والله لا ترجع إلى أهلك حتى أجلدك الحد .

حمل على أنه ثبت الشرب بالبينة أو باعتراف الرجل.

وقوله: "فإذا اجتمعوا جميعا على شراب واحد فسكر أحدهم جلدوا جميعا" معناه أن الناس يختلفون في سرعة السكر وبطئه، ومدار الأمر كونه مسكرا في الجملة، فإذا سكر منه بعضهم حد الجميع، ويروى أن أبا مسلم الخولاني حج فدخل على عائشة رضي الله عنها [ ص: 460 ] فجعلت تسأله عن الشام وبردها، فقال: يا أم المؤمنين إنهم يشربون شرابا يقال له: الطلاء، فقالت: صدق الله وبلغ حبي، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها" .




الخدمات العلمية