الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) السابع بيان ( مكان الإيفاء ) للمسلم فيه ( فيما له حمل ) أو مؤنة ومثله الثمن والأجرة والقسمة وعينا مكان العقد [ ص: 216 ] وبه قالت الثلاثة كبيع وقرض وإتلاف وغصب قلنا هذه واجبة التسليم في الحال بخلاف الأول ( شرط الإيفاء في مدينة فكل محلاتها سواء فيه ) أي في الإيفاء ( حتى لو أوفاه في محلة منها برئ ) وليس له أن يطالبه في محلة أخرى بزازية وفيها قبله شرط حمله إلى منزله بعد الإيفاء في المكان المشروط لم يصح لاجتماع الصفقتين الإجارة والتجارة ( وما لا حمل له كمسك وكافور وصغار لؤلؤ لا يشترط فيه بيان مكان الإيفاء ) اتفاقا ( ويوفيه حيث شاء ) في الأصح وصحح ابن كمال مكان العقد ( ولو عين فيما ذكر ) مكانا ( تعين في الأصح ) فتح لأنه يفيد سقوط خطر الطريق

التالي السابق


( قوله للمسلم فيه ) احترز عن رأس المال فإنه يتعين مكان العقد لإيفائه اتفاقا بحر ( قوله فيما له حمل ) بفتح الحاء أي ثقل يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال نهر ( قوله ومثله في الثمن والأجرة والقسمة ) بأن اشترى أو استأجر دارا بمكيل أو موزون موصوف في الذمة أو اقتسماها وأخذ أحدهما أكثر من نصيبه والتزما بمقابلة الزائد بمكيل أو موزون كذلك إلى أجل ، فعنده يشترط بيان مكان الإيفاء وهو الصحيح وعندهما لا يشترط نهر ( قوله وعينا مكان العقد ) أي إن أمكن التسليم فيه بخلاف ما إذا كان في مركب أو جبل فيجب في أقرب الأماكن [ ص: 216 ] التي يمكن فيها بحر وفتح ، والمختار قول الإمام كما في الدر المنتقى عن القهستاني ( قوله كبيع إلخ ) أي لو باع حنطة أو استقرضها أو أتلفها أو غصبها فإنه يتعين مكانها لتسليم المبيع والقرض ، وبدل المتلف وعين المغصوب ( قوله واجبة التسليم في الحال ) فإن تسليمها يستحق بنفس الالتزام فيتعين موضعه بحر بخلاف الأول أي السلم فإنه غير واجب في الحال فلا يتعين مكانه فيفضي إلى المنازعة لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف الأماكن فلا بد من البيان وتمامه في الفتح ( قوله فكل محلاتها سواء فيه ) قيل هذا إذا لم تبلغ نواحيه فرسخا فإن بلغته فلا بد من بيان ناحية منه فتح وبحر وجزم به في النهر .

( قوله وفيها قبله ) أي في البزازية قبل ما ذكر ( قوله بعد الإيفاء ) قيد به لأنه لو شرط الإيفاء فقط أو الحمل فقط أو الإيفاء بعد الحمل جاز ولو شرط الإيفاء بعد الإيفاء كشرط أن يوفيه في محلة كذا ثم يوفيه في منزله لم يجز على قول العامة كما في البحر ( قوله الإجارة ) أي التي تضمنها شرط الحمل بعد الإيفاء والتجارة أي الشراء المقصود بالعقد وهذا بدل من الصفقتين بدل مفصل من مجمل ( قوله وما لا حمل له إلخ ) هو الذي لا يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال ، وقيل هو الذي لو أمر إنسانا بحمله إلى مجلس القضاء حمله مجانا ، وقيل ما يمكن رفعه بيد واحدة ا هـ ح عن النهر ( قوله كمسك وكافور ) يعني القليل منه وإلا فقد يسلم في أمنان من الزعفران كثيرة تبلغ أحمالا فتح ، وأراد بالقليل ما لا يحتاج إلى ظهر وأجرة حمال فافهم ( قوله وصحح ابن كمال مكان العقد ) نقل تصحيحه عن المحيط السرخسي ، وكذا نقله عنه في البحر وجزم به في الفتح ، لكن المتون على الأول وصححه في الهداية والملتقى ( قوله فيما ذكر ) أي فيما لا حمل له ولا مؤنة ( قوله لأنه يفيد سقوط خطر الطريق ) هذا التعليل مذكور في الفتح أيضا تبعا للهداية ومعناه : أنه إذا تعين المكان وأوفاه في مكان آخر يلزم المسلم إليه نقله إلى المكان المعين ، فإذا هلك في الطريق يهلك عليه ، فيكون رب السلم قد سقط عنه خطر الطريق بذلك بخلاف ما إذا لم يتعين فإنه إذا نقل بعد الإيفاء إلى المكان المعين يكون هلاكه على رب السلم




الخدمات العلمية